صفر وفيات كورونا

 

خالد بن سعد الشنفري

 

طالعتنا مُختلف وسائل إعلامنا الأسبوع الماضي بخبر مُفرح لطالما انتظرناه وهو: "صفر وفيات كورونا"، وقع الخبر كان كالبلسم على القلوب والأفئدة بعد أن ران عليها أن لا فكاك سريعًا من هذا الكورونا الوباء الشديد، بعد أن طال حلوله ضيفا بيننا غير مرغوب فيه وبعد أن أخذ مؤشر فتكه بنا يخبط خبط عشواء وتجاوزت أرقام إصاباته المئات يومياً والوفاة به العشرات في بلد مثل بلدنا عدد سكانه أربعة ملايين إنسان بين مواطن ومقيم.

ارتفعت الأيادي شكرا لله وتعلقت القلوب به تعالى في علاه فهو الشافي المعافي أولاً ولا شيء يحدث في أرضه وبين خلقه إلا منه وماعلينا نحن المخلوقين إلا السعي.. والصبر.. والاتعاظ.

سعينا بما يسره لنا وبقدر إمكاناتنا وطاقتنا حكومة وشعبا صحيح أخفقنا في البدايات فالصدمة لم تكن خفيفة، ولكن وقفنا على أرجلنا بعدها وعالجنا إخفاقاتنا وتلافينا أخطأءنا وعدلنا مؤشر العدوى. أصبحت الحرب سجالا بيننا وبين هذا الفيروس المعتدي فكلما ارتفع مؤشره وازدادت إصاباته تعاملنا معها بكل صبر وتجلد، حظرا وحجرا، حتى وصلنا للإغلاق التام وكنَّا له بالمرصاد.

صبرنا على الحجر والحظر والإغلاق وفقد الأحبة في صراع ونزال في حرب ضروس لا هوادة فيها مع عدو لا يُرى بالعين المجردة ولا يعرف أو يتوقع أين سيضرب ضربته التالية وهزمناه شر هزيمة في النهاية.

ما زالت الحرب لم تضع أوزارها بعد ولكن نتيجتها أصبحت متوقعة والنصر عليه قريب بإذن الله بقي علينا أن نكمل مابدأناه فالأمور بنهاياتها.

لقد أصابنا هذا الوباء بوهن على وهن في المال ولكن نقول الحمدلله إنها في المال لا الحال؛ فالمال مصيره يعوض ولكن علينا أن نُغير ما باحوالنا لنستعيد المال ولو بالتدريج والسبيل إلى ذلك بين وما علينا إلا مراجعة أمورنا مستفيدين من التجربة. على كل منِّا فرد عاقل مكلف أو رب أو ربة أسرة أن يمسك القلم والدواة ويختط برنامج أسلوب معيشته وحياته ليتكيف مع الوضع الجديد.

أنا شخصياً من جيل عاش العصرين في عُمان عصر ما قبل النهضة وما بعدها ولكنى لا أطالب من لم يعش العصر الأول أن يلجأ للدواب وسيلة نقل ولا إلى الدراجات الهوائية أو النارية ولكن أن يراعي المنطق والعقل في سيارته، ولا أن يرجع للمسرجة وفانوس الكيروسين (القاز) ولكن أن لا يضيء إلا ما يحتاج إليه من إنارة أو أجهزه أو تكييف في بيته، ولا أن يقتصر على أكل العصيدة والهريس والتمر والفندال ولكن أن يراعي صحته وصحة أبنائه فيما يأكلون ويشربون اليوم. كما لا أطالبه بلبس قديم الصوف والرجوع إلى ساعة اليد القديمة "الوتسند" ولكن أن يقتني ساعة لمعرفة الوقت بها وهاتفًا نقالًا لنقل الصوت والصورة بوضوح وجلاء لا لسواهما، لا ليولم بشاة في عرسه، ولكن لا يمد بسطة الولائم وينحر الذبائح بأنواعها الثلاثة بما تحمر وتشمر وتلون من أنواع الطعام، وبعد ذلك يتصل بسيارات البلدية في نهاية اليوم لتسحب مخلفات هذه الولائم.. ولائم الرياء.. والنفاق الممقوتة شرعا وبجواره وبالقرب منه من يحتاج لسد رمقه من الطعام.

القائمة تطول وكل ما ذكر غيض من فيض نعرفه جميعاً ونستشعره ولا نقره في أنفسنا، لكنها حياة تطاولنا فيها بأنفسنا ولم تكتب أو تفرض علينا فوجب التغيير، فلم يعد من مجال للتأخير إذا أردنا أن نعيش حياة الفطرة السليمة التي فطرنا الله عليها والتي ما زالت والحمد لله متجذرة فينا، ويوصي بها ديننا أو سنظل نسمع الشكوى والعويل من وضعنا الراهن الذي أصبح اليوم يطارد الواحد منِّا أينما شطر وجهه لأي وسيلة تواصل اجتماعي.