القضايا في تزايد رغم "إغلاقات كورونا"

مدير "التوفيق والمصالحة" بالسيب: إنهاء 93.7% من القضايا عبر الحلول الودية

◄ نجحنا في تقليل أعباء المحاكم بإجمالي 4252 قضية

◄ اللجان غير مختصة بالقضايا الجزائية والمنازعات الإدارية

◄ اختيار الأعضاء وفق عوامل الخبرة والتخصص

◄ معدلات الطلاق المنشورة تعكس حالة من "اللغط وسوء قراءة" الإحصائيات

 

الرؤية- فيصل السعدي

كشف الدكتورعبد المجيد بن يوسف الأغبري مدير لجنة التوفيق والمصالحة بالسيب، أن لجان التوفيق والمصالحة بمسقط نجحت في حسم 4252 قضية بشكل ودي وعلى نهج الشريعة الإسلامية بنسبة 93.7%، فيما شكلت نسبة عدم الاتفاق 6.3% فقط من القضايا.

وقال الأغبري- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- إن اللجان ساهمت في تخفيف العبء عن كاهل المحاكم؛ لما لها من دور مُؤثر في حل النزاعات بالطرق الودية والتوافقية. وأشاد الأغبري بأخلاق أفراد المجتمع الذي يتسم بصفة التسامح، الأمر الذي يُسهِّل حل النزاعات بين الأطراف. وأوضح أن لجان التوفيق والمصالحة نشأت بموجب المرسوم السلطاني رقم 89/ 2005؛ وتعنى بالنظر في القضايا اختياريًا من قبل الخصوم، فيما يسمح القانون في قضايا الأحوال الشخصية والقضايا المدنية والتجارية، بينما نظمت القوانين الأخرى ما يجوز التصالح فيه.

 

 

وتطرق الأغبري للحديث عن الخلافات الأسرية، وقال إنها من المواضيع الواسعة التي تحتاج إلى دراسات بحثية وأكاديمية موسعة، فلا يمكن إطلاق أسباب أو إجراء تنظير في الأسباب دون وجود دراسة شاملة من جميع الجوانب. غير أنه استدرك قائلا إن الخلافات قد تكون أمرًا إيجابيًا في الحياة بشكل عام؛ حيث إن الله سبحانه وتعالى لم يشرّع الطلاق إلا لأنه حل من الحلول؛ لذلك لا يجب النظر إلى الطلاق أو الفرقة بين الأزواج على أنه سلبي، لكن الأهم من ذلك دراسة الأسباب الموضوعية التي يمكن أن تتسبب في هذا الطلاق.

وأشار إلى أن أبرز سبب يمكن أن نوجه له أصابع الاتهام مباشرة، انعدام قنوات التواصل بين الزوجين كوسيلة من وسائل التفاهم والنقاش والتعايش، أما غيرها من الأسباب فهي تحتاج إلى دراسة معمقة ودراسة بحثية يمكن أن تُعرض على معايير علمية؛ لإخراجها بالصورة الأكاديمية الصحيحة، ويمكن إفراد بعض الأسباب، لكن هذا الأمر لا يمكن تعميمه؛ حيث إنَّ كل قضية تختلف عن الأخرى بأسبابها والظروف المحيطة بها.

تقليل أعباء المحاكم

ولفت الأغبري إلى أن المرجع الأساسي لإنهاء أي منازعة هي المحاكم، بينما لجان التوفيق والمصالحة بمثابة حل استثنائي، لكنه أكد أنها خففت العبء عن هذه المحاكم؛ حيث إنه بالنظر إلى محافظة مسقط- على سبيل المثال- يتضح أن اللجان تعرضت لأعداد كبيرة من القضايا، بينما لو كانت سلكت طريقها إلى المحاكم، لمثلت عبئًا كبيرًا عليها، ما قد يؤدي إلى إطالة أمد فترة التقاضي. وأعرب الأغبري عن سعادته بما تقدمه لجان التوفيق والمصالحة من خدمات للمتقاضين والمتنازعين؛ سواء من المواطنين أو المقيمين.

وأضاف أن لجان التوفيق والمصالحة كانت رديفًا ومساندًا ومعينًا للوسائل الأخرى التي تعالج القضايا، وأن الأصل في معالجتها مرفق القضاء، أما الصلح ولجان التوفيق والمصالحة فهي طريق آخر شرعته الدولة كوسيلة اختيارية للمتخاصمين أو المتنازعين لحل المشاكل فيما بينهم بطرق ودية من ناحية قانونية. وأوضح الأغبري من فوائد هذه اللجان من الناحية الإجتماعية أن الصلح دائمًا يكون اختياريًا، عن طيب خاطر، ومن ثم فإن قبوله من الأطراف المتنازعة يسهم في نشر فضيلة التسامح والتعايش والتراحم بين أفراد المجتمع، الذي جبُل على ذلك منذ القدم.

اختيار الأعضاء

وأكد الأغبري أن لجان التوفيق والمصالحة تضم متخصصين في علم الاجتماع، وكذلك باحثات اجتماعيات يساعدن أصحاب الفضيلة القضاة رؤساء اللجان والأعضاء، مشيرا إلى الدمج بين الخبرة الشرعية والقانونية والتخصصية في القضايا الأسرية على سبيل المثال. وحول آلية اختيار أعضاء اللجان، ذكر الأغبري أن القانون أتاح للوزير المختص اختيار أعضاء لجان التوفيق المصالحة من ذوي الخبرة، وترك للمشرع المرونة في الأمر، وفقًا لاحتياجات اللجان.

ولفت الأغبري أن لجان التوفيق والمصالحة مختصة في قضايا الأحوال الشخصية وما أجاز لها قانون الأحوال الشخصية والقضايا المدنية والقضايا التجارية، لكنها لا تختص في القضايا الجزائية والمنازعات الإدارية. وتابع أن القانون أتاح آلية إصدار القرارات الوزارية المنظمة لعمل اللجان، لذلك أصدر الوزير المختص قراره الوزاري بإصدار السجلات والاستمارات المنظمة لهذا العمل، ويبدأ العمل بتقديم طلب التوفيق والمصالحة في مقار اللجان وفق نطاق اختصاصها الذي يصدر بقرار الإنشاء، ثم يتم تحديد موعد للجلسة، ويتم إعلام الطرفين بموعد الجلسة، ومن ثم الحضور في قاعة الصلح للاستماع لكلا الطرفين. وأوضح أنه يتم استعراض موضوع النزاع أمام هيئة اللجنة، وتقديم الحلول التي يمكن أن تجمع طرفين النزاع، سواءً بالتنازل أو عبر الحلول التي ترضي كلا الطرفين؛ بغية الوصول إلى اتفاق يتمثل في إصدار محضر الصلح، ويتم اعتماده من قبل رئيس اللجنة، ومن حضر من الأعضاء، وأمين السر، بعد توقيعه وقبوله من أطراف النزاع. وذكرأن المادة 15 من قانون التوفيق والمصالحة حددت محضر الصلح الموقع من قبل الأطراف المعتمد من قبل اللجنة المتمثلة في الرئيس وأعضاء اللجنة، على أنه يعد سندًا تنفيذيًا ينفذ مثل ما تنفذ الأحكام القضائية النهائية، وبهذا يختصر مراحل التقاضي التقليدية.

وأشار الأغبري إلى عدد الطلبات التي وردت إلى محافظة مسقط خلال العام الماضي، وقال إنه عُرض على لجان المحافظة ورغم ما تخللها من إغلاقات بسبب جائحة كورونا فضلاً عن تطبيق الإجراءات الاحترازية، 9022 قضية أو طلب صلح في الجانب الشرعي، و1852 طلبًا في الجانب المدني، و1829 قضية في الجانب التجاري. وأوضح أنه حُسم في الجانب الشرعي 870 قضية، في حين لم يتم الاتفاق في 138 قضية فقط، لافتاً إلى أنه في المعاملات المدنية حُسمت 1740 قضية، لكن لم يتم الاتفاق في 93 قضية، وفي القضايا التجارية جرى حسم 1646 قضية، في حين لم يتفق المتنازعون في 38 قضية.

نسب الطلاق

وبين الأغبري أن موضوع الطلاق يحتاج إلى دراسة، مشيرا إلى أن هناك "لغط وسوء قراءة" من البعض عندما يقارنون وثائق عقود الزواج الصادرة مع عدد الوثائق الصادرة من كُتّاب العدل، معتبرًا لذلك "مقارنة  ظالمة". وقال إن وثائق الطلاق ليس بالضرورة هي لحالات الطلاق في تلك السنة التي صدر فيها عقود الزواج؛ إذ قد يكون التاريخ عائد لسنتين أو ثلاث أو حتى لعشرين سنة سابقة، ويجوز للرجل أن يُصدر ثلاث وثائق طلاق في سنة واحدة؛ أي يجوز للرجل أن يُطلّق 3 مرات، وفي كل مرة وثيقة طلاق مختلفة، لذا هناك أرقام شبه مضاعفة، ولأجل معرفة الأرقام الدقيقة يجب أن تكون هناك فترة زمنية أطول لإجراء المقارنة.

وأكد الأغبري أن لجان التوفيق والمصالحة تتحلى بالمرونة في عملها، وأيضًا بالمرونة في اختيار الأعضاء، وهو ما يميز اللجنة كونها تضم في عضويتها مختلف أطياف المجتمع في مكان واحد، مشيرا إلى وجود خبرات في الجوانب الشرعية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من مجالات الحياة. وقال إن هذا التنوع يسهم في تأكيد إشراك المجتمع في معالجة القضايا الواردة لهذه اللجان، مؤكدا أن لجان التوفيق والمصالحة دائمًا ما تفتح ذراعيها للجميع، طلبًا للنصيحة أو الاستشارة  القانونية والشرعية والاجتماعية؛ لاحتوائها الأطراف كافة.

تعليق عبر الفيس بوك