موضوعان مهمان!

 

حمد بن سالم العلوي

أولاً: أعلام الدولة.. أهميتها وإجلالها

 

كتبتُ مرات ومرات عن أعلام الدولة التي لا يراها المسؤول، وهو معذور لأنه تعوّد النظر تحت قدميه، فكيف له أن يرى علماً على سارية تعلوه بأربعة أمتار في السماء؟ وفي الغالب تكون سارية العَلم ترتفع على مبنى أقله أربعة أدوار، وأعلاها أحد عشر طابقاً، فلا يرى هذه الأعلام إلا من رفع رأسه من على بعدٍ كافٍ، فعندئذ سيرى ما يدور في الأفق البعيد، ولن تخطئ عيناه الأعلام بالطبع، ولكن من أين لنا بطائر "البنغور" صاحب العنق الطويل، حتى يرى أعلام الدولة، والتي تشابهت ألوانها، وتماهت مع بعضها البعض، نتيجة لضربة الشمس الحارقة، يضاف إليها التصاق الأدخنة والملوثات الأخرى بها، فيصبح عَلَمنا الذي كان جميلاً زاهياً، ومتفرداً بألوانه الثلاثة، ولكن أمست ألوانه جميعها بلون واحد داكن غامق، وذلك لِكثْرُ ما تعرّض له من عاتيات الدهر.

إذن.. ليس مُناسباً ولا يليق بالسلطنة صاحبة النِّظام المُتميز، أن يكون عَلَمُها يتعرّض للتمزّق من أطرافه، أو يتغيّر لونه بسبب الملوثات الجوية إلى اللون الداكن، فالواجب أن تُستبدل الأعلام بمجرد أن يبدأ التغير في الأوان، أو تبدأ أطرافه في التآكل، فالقادم إلى مسقط يرى كل شيء يحيط به نظيفاً وجميلاً، وذلك بدءاً من مطار مسقط الدولي، إلى الشوارع المشجرة والنظيفة، إلى المباني المتناسقة في ألوانها، والنظيفة في مظهرها، ولكنه قد تصادفه على الطريق بعض الأعلام، فلا تتناسق في مظهرها مع ما يراه الزائر جميلاً مُبهراً.

فهلاّ أعطينا بعض الاهتمام للعَلم، رمزنا الذي نجلّه ونحترمه، ونرفع شأنه كما يفرض الواجب، وقد خُصَّ العَلم بقانون يرعاه هو والنشيد والشعار الوطنيان، أم هذا الضعف دليل على إهمالنا للتربية الوطنية في مدارسنا، حيث كان الواجب يحتم تدريس النشء على إجلال علم الدولة، واحترامه إلى الدرجة التي تبلغ مبلغ القداسة في رفعة شأن الوطن، وأن تحية الصباح في المدرسة، ليست للمدرسة، وإنما هي تحية للعَلم الوطني، إذن تكليف موظف بالاسم، لمراقبة سلامة ونظافة الأعلام، ليس أمراً فيه شيء من الترف والمبالغة.

ثانيًا: آراء الناس ومناشداتهم تستحق الاحترام والتقدير

لقد دأب النَّاس على رفع شكواهم، ومناشداتهم إلى حكومتهم الرشيدة، وذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وأشهرها "تويتر وواتساب" بعدما سُدت أمامهم أبواب المؤسسات الرسمية، وعطِّل مجلسهم المنتخب عن القيام بواجبه نيابة عنهم، فإن كنتم تحبون الهدوء والسكينة في مكاتبكم.. فلا بأس من ذلك، ولكن افتحوا النوافذ الإلكترونية لتلقي التظلمات والشكاوي، أما أن تسدُّوا كل الأبواب، فمن حق الناس أن يلجؤوا إلى الطرق التي يرونها أسهل لهم. لكن قد تعلمون أن هناك متربصين بنا الدوائر، ويتلقطون الأخبار عنَّا أياً كان نوعها، فينسجون منها سيناريوهات تخدم أهدافهم الشيطانية، لإيقاع فجوة بل فتنة بين الحكومة والشعب، وفينا سمَّاعون لهم، لأنَّ دعايتهم الإعلامية أقوى بكثير من أن يتصدى لها إعلامنا الرسمي التقليدي جداً، والذي ظل يسير بجانب الحيط كما يُقال في الأمثال، وما زال يفتش عن ثغرة في الجدار حتى يمشي داخله، بحيث لا يراه أحدٌ، والذي يتصدى بشيء من الموضوعية لهجمات الأعداء، هو الإعلام الخاص، وبعض الأفراد من المغردين الوطنيين في تويتر وأخواتها.

وحتى لا ننشر غسيلنا علانية، يتوجب على الحكومة الرشيدة، أن تفتح وسائل للاتصال البيني، وتربط المجتمع بالدولة، بحيث لا يستطيع الولوج إلى هذه الروابط إلا بخاصية بطاقة الأحوال المدنية العُمانية، وذلك حتى نقطع الطريق أمام الأبالسة من شياطين البشر، الذين نذروا أنفسهم وجهدهم خدمة للشيطان الرجيم، وأن تقوم الجهة التي تتلقى الشكاوي والتظلمات أو حتى الملاحظات برفعها إلى الجهات المعنية، وأن تحدد فترة معقولة للإجابة، وبحسب أهمية الموضوع، ودرجة الاستعجال فيه، فيرد على المشتكي في الوقت الذي يحدد له فيه تلقي الرد، ويفضَّل أن يكون الإرسال إلى جهة واحدة، وربما يكون اسم جهة التلقي (مركز التواصل الاجتماعي) ويكون موقعه في ديوان البلاط السلطاني، أو مجلس الوزراء، حتى يكون ذات مرجعية مهمة للجميع.

إنَّ التواصل مع المجتمع أمر مهم للطرفين، وقد يكون متنفسا جيدا للمجتمع، وقد يُخفف من الاحتقانات المجتمعية، فسوف يساعد كذلك على تقييم خدمات الحكومة، ويعطي رقابة غير مباشرة على الأداء الحكومي، وذلك من خلال تقييم الرضا أو السخط المجتمعي، وسيعطي الفرصة لتدارك الأخطاء، وقد يُبلِّغ المتصلون عن بعض بؤر الفساد، التي تنشأ بين وقت وآخر، وكذلك سيُحَذرُ المهيئين للفساد عن ممارسة هذه الرذيلة، والتي أصبحت تنخر في الكيانات قاطبة بين دول العالم، ويكون خطر الفساد بقدر انتشاره والسكوت عنه، وذلك مع غياب الوازع الديني من الضمير، وغياب مفهوم العيب من القيم والأخلاق، نتيجة لتدنيّ التربية الأُسرية والوطنية، فالنشء يتربَّى على بيئة المجتمع الذي خلق فيه، فإن كان مجتمعاً تقياً ورعاً، سلك دروب الفضيلة والتقوى، وستكون مخرجاته فاضلة نقية تقية، وتعكس بيئة النشأة الحميدة التي شبَّ عليها هذا الإنسان.