ما بين الشعب والحكومة ليست مباراة

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

في بعض المفاصل المُهمة في الحياة تكون أقرب تشبيهًا إلى المسار في تنظيمها غير أنَّ هذا المسار أمره كبير؛ بل وعظيم، وإن أولى أدواته هي بوصلة الاتجاه التي تُحددها المجموعة الأهم معرفة في المجتمع؛ لتحديد ذلك الاتجاه ليكون صحيحًا، ثم إنه يحتاج إلى مجموعة أكثر أهمية لتحديد الهدف، وكذلك فهو بحاجة إلى مراجعة مُستمرة، كي لا يخرج عن الاتجاه الذي يجب أن يكون، وأن يتَّجه فقط إلى الهدف الأسمى والأكبر، والذي ارتضته الأمة بشكل عام.

هذا فقط من جانب الاتجاه، لكن ماذا عن الطريق وتنسيق المجموعات كي تُحافظ أيضاً على التَّعاون فيما بينها، وأن تؤمن بأنَّ الطريق واحدٌ وصحيحٌ، وتشارك بكل أطيافها وتنوع ثقافتها وميولها الوجهة نفسها.

هذا التشبيه قريبٌ جداً من العمل المُنسق للوصول إلى الهدف، غير أنَّ بعض الدول تمر في طريقها بعقبات، وللأسف الشديد وكأن تلك العقبات مصطنعة، وكان يجب ألا تحدث وبذلك يبدأ الاختلاف في وجهات النَّظر وعدم إيمان بعض الجماعات بجهة معينة وإنها في الطريق والعمل الصحيح، فيكون ذلك الجمع المشترك أقرب إلى التشبيه بين فريقين في مباراةٍ لكرة القدم وكلٍ يبحث عن تسجيل الأهداف ويتحول الهدف الأبعد المشترك إلى قواسم غير منسجمة وكل فريق يؤكد أنَّه الأجدر والأكثر معرفة ويتم تبادل اللوم عند كل مفترقٍ للطرق.

هنا يبدأ أيضاً استهلاك الفكر والمعرفة والطاقات المخصصة لجوانب أهم بكثير من الاختلاف فمثلاً لو أنَّ الحكومة قررت شيئاً ما دونما دراسة وافية أو حتى ظهور من قرر فعلياً بكل شجاعة واعترف بذلك القرار أو أنه استطاع أن يوضحه من كل جوانبه ولم يكن مختبئًا وراء الصفوف لأنه أصلاً كان يجب ألا يكون في ذلك المنصب ولأنه لم يكن ذلك القرار صحيحاً وقابلاً للتطبيق فإنِّه يتم تعطيل العمل بذلك القرار وتقوم الحكومة بالتنازل عنه بل وإلغائه. وهناك من يعتقد أن أحداثاً بهذا المستوى تكون بتلك السهولة التي تمر عابرةً على الكثير إلا أنَّ ذلك وفي عمق الحسابات يوضع في خانة الأهداف محل المثل أعلاه وتنازل الحكومة المستمر له معانٍ متعددة أقلها القيمة والهيبة المطلوبة لحماية القومية والسمة الوطنية وقيادتها باقتدار.

الأمر الآخر الذي لا يقل أهمية هو إيجاد أرضية خصبة للنقد وهذا الأمر ليس من صالح أحد مهما أعتقد من استطاع وبمختلف الوسائل من جعل الحكومة تتنازل عن الكثير من قرارتها أو حتى إنه استطاع أن يقوم بعملٍ مُخالف للقوانين والتشريعات الوطنية، وبذلك يكون التشبيه مُناسباً في النجاح من تسجيل أهدافٍ أو نقاط، فعلى الجميع أن يعلم أنها في شباك الوطن جميعها ومن يُحقق نجاحاً يرضيه اليوم فقد لا يكون ذلك صحيحاً على المدى البعيد ولذلك فإنَّ الحكومة معنية وبقوة في دراسة قرارتها من ناحية والتوضيح وتحمّل المسؤولية بكل صراحة ووضوح عن أي قرار يتم اتخاذه.

ومن ناحية أخرى، فإنني وللمرة العاشرة أقول- من وجهة نظري- إنَّ على الحكومة، وفي أعلى مستوياتها، أن تستقطب المفكرين والقادة والمُثقفين الحقيقيين، وأن تستمع وتعي وتتفاعل بالسرعة المناسبة مع ما يقوله المجتمع وألا تركن إلى من يحملون الشهادة وحسب، نعم الشهادة مهمة ومطلوبة، لكن ليس كل من يحمل شهادة قائدًا.