مع كل محنة. . منحة

 

رحمة بنت منصور الحارثية

إخصائية نفسية

اعتادت الأسرة كتابة مخطط كل سنة جديدة، ويتبادلون الأوراق التي قاموا بكتابتها للعام الفائت، وما الأشياء التي تحققت والأشياء التي لم يكتب لها أن تتحقق، وكل فرد يتبادل ما كتبه في جلسة أسرية جميلة، يسودها التفكر فيما مضى، والأمل فيما هو آت بنفس راضية متقبلة عازمة للمسير قُدُماً لتحقيق كل هدف.

هذا العام اجتمعت الأسرة ككل عام عدا شخص آثر أن يبقى في غرفته مما غير طبيعة الاحتفائية السنوية المعتادين عليها، أصوات النداءات تتعالى من أفراد الأسرة "فلان.. فلان.. ننتظرك لنفتح الأوراق لن نفتحها دونك تعال معنا".

جاء مُثقلاً وبيده ورقة قد قام بطيها لمرات عِدة من كثرة الطي كادت أن تهتري؛ لعدم رغبته في أن يقرأها أحد. تبادلا الأوراق هو وأخته، الأخ وورقته المطوية قد كتب فيها واستلمتها أخته لتقرأ ما كتبه أخيها قائلًا: "كانت سنة ثقيلة بكل ما فيها، نزل فيها معدلي الدراسي، وأخي فلان انكسرت قدمه وأختي فلانة لم تتم خطبتها، جدتي توفيت بكورونا ومن ثم جدي تبعها بأيام، أبي قد تم تسريحه من عمله، أمي فقدت جنينها عندما تلقت كل تلك الأخبار الصعبة، وختم ورقته بعبارة لم أصدق أن العام قد انتهى".

وبينما أخته تقرأ ما تحتويه ورقته، بدأ هو بقراءة ورقتها وما كتبت فيها قائلة: "كانت سنة تجلى لطف الله علينا كأسرة، أخي فلان عكف على دراسته وارتفع معدله الجامعي، نجى أخي فلان من الحادث وبدأ في العلاج الطبيعي لقدمه، جدتي توفاها الله وهي تدعو ألا يصاب أحد منِّا بمكروه، جدي رحمة من الله تبع جدتي؛ لأنه لا يقوى على فراقها، أبي بعد تسريحه من العمل تفرغ للنجارة، وها نحن نجتمع اليوم على طاولة من صنع يده، أمي عوضها الله بأخت لي كنت انتظر مقدمها؛ لأني تمنيت أن تكون لي أخت، أما أنا فقد عوضني الله بفلان وعقد قراننا بمشيئة الله منتصف الأسبوع المُقبل ولعلها خيرة". ختمت الورقة بالحمد لله على كل حال.

احتوى المشهد على شخصين داخل أسرة واحدة، عاشوا نفس الأحداث؛ فرد أخذ الأحداث التي توالت من زاوية تبدو ضبابية، بينما الفرد الآخر رأى الأحداث على أنها منحة بعد محنة.

تعليق عبر الفيس بوك