ضحايا طريق وادي حيبي

 

د. خالد بن علي الخوالدي

khalid1330@hotmail.com

 

قبل شهرين بالضبط كتبتُ عبر هذه الصحيفة الغراء مقالًا بعنوان "طريق وادي حيبي يستغيث"، أوضحتُ فيه ما يُعانيه الطريق من خطورة على حياة المُستخدمين له، وهذا الأسبوع سقط ضحايا جدد للطريق؛ حيث ودعنا المغفور له بإذن الله مكتوم المكتومي وزوجته وبنته، في حين يرقد 3 من أبنائه في العناية المركزة، حفظهم الله وأتم شفاءهم، ودعنا الشاب الخلوق الذي خرج من هذه الدنيا دون أن يحقق تطلعاته وطموحاته، وزوجته المُعلمة التي كانت تنتظر بشوق لقاء طالباتها، وتلك الطفلة البريئة التي لم تعرف بعد معنى الموت والرحيل.

نعم الموت والحياة بيد الله وكلنا راحلون، لكن لكل شيء سبب، وسبب وفاة هؤلاء الأبرياء وغيرهم كان سوء الطريق وتعرجاته، وعدم وجود أكتاف جانبية تحمي السائق من أي خطأ بسيط. نعم هي الأسباب التي بإمكاننا أن نعالجها ونقلل منها كما نفعل اليوم في ظل جائحة فيروس كورونا، كان بالإمكان أن تترك الحكومة كل الإجراءات والاحترازات والبرتوكولات الصحية وتجعل الموت مشاعاً لمن وصله القدر، فالفيروس سبب للموت، لكن حاولنا معالجة السبب حتى نحفظ أرواح البشر، والطريق المتهالك والمؤذي للناس سبب وعلينا معالجته حتى نحفظ أرواح مستخدمي الطريق.

كلما مرت حكاية من حكايات خطورة الطرق، نتذكر تلك المقول الشهيرة والمعروفة لدى المسؤول والمواطن البسيط والتي كانت على لسان الفاروق عمر بن الخطاب "لو عثرت بغلة في العراق، لسألني الله- أو قال: لخفت أن يسألني الله- عنها: لِمَ لَمْ تصلح لها الطريق يا عمر"؟

كان يخاف الفاروق عمر الذي أشتهر بعدله وخوفه من الله سبحانه، من أن تتعثر بغلة، فكيف لو كان المُتعثر إنسانًا والمفقود من هذه الحياة شابا وامرأة وطفلا.. الروح البشرية غالية عند المولى سبحانه وتعالى لذا التكليف واضح بضرورة حمايتها من الهلاك والموت والأدلة كثيرة لا مجال لذكرها هنا فالجميع يعرفها كما يعرف من أين تشرق الشمس.

مناقصات تلو مناقصات ودراسات تعلوها دراسات واستشارات بعد استشارات نشرت عن طريق وادي حيبي، وسجلتها الصحف المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي ويمكن الرجوع إليها، وقد مضى عليها سنوات وسنوات ولم ترَ النور، ووفيات بعدها وفيات ولم تحرك في الأمر شيئا، زيارات تعقبها زيارات، لكن بدون جدوى، من يحاسب من ومن يُراقب من؟ حيرة وألم وحزن ورائحة دم تتعاقب كل فترة على هذا الطريق، ولا يشعر بألمها إلا أصحاب العلاقة ثم تنسى إلى أن تتلوها أحزان أخرى وهكذا دواليك، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

ألم يئن لوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات أن تبدأ العمل والتنفيذ على أرض الواقع؛ فالأرواح تُزهق روحًا بعد روح، وإصابة بعد إصابة من جراء الحوادث المميتة على هذا الطريق الذي أشبع حديثًا وشبع هو من هدم البيوت وإغلاقها، وفوق هذا وذاك ألا تدرك الوزارة أهمية هذا الطريق؛ كونه من الطرق الواعدة للاقتصاد والتجارة والسياحة؛ حيث إنه يربط بين ميناء صحار التجاري والمنطقة الحرة والمنطقة الصناعية الثقيلة منها والخفيفة، فضلا عن الطريق الذي يربط السلطنة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، إضافة إلى أنه حلقة الوصل لأبناء محافظتي شمال الباطنة والظاهرة.

إننا نأمل بعد زيارة المسؤولين بوزارة النقل قبل أيام لهذا الطريق، أن تكون هناك حركة فعلية في التغيير، وتأهيل وتهيئة الطريق بازدواجية تسهل على الجميع، وتحمي الأرواح وتخلق بيئة تجارية وسياحية واعدة مستقبلا، ودمتم ودامت عُمان بخير.