جلسة بـ"الكتاب والأدباء" تستشرف مقترحات تحديث الدراسات السردية

مسقط ـ الرؤية

نظَّمت الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء -ممثلة بلجنة الدراسات والفكر- ضمن فعاليات صالون الأربعاء، الجلسة الثالثة بعنوان "السردية والدراسات الثقافية"، والتي قدمها الكاتب والناقد العراقي الدكتور عبدالله إبراهيم، عبر الاتصال المرئي.

وبدأت المحاضرة -التي أدارها الباحث بدر بن حارب الحراصي- بدأها بعدة تساؤلات معرفية تم طرحها للنقاش، تتعلق بماهية الخلفية المنهجية التي دفعت بالدراسات الثقافية للظهور؛ حيث أشار عبدالله إبراهيم حيالها إلى أنَّ ظهور الدراسات الثقافية إنما كان بمثابة ردة فعل على هيمنة الدراسات اللغوية التي خلعت نتائجها على كثير من حقول الثقافة والأدب، تلك الدراسات اللغوية التي حبست مظاهر التفكير والتعبير في أطر ضيقة بافتراض وجود نموذج لغوي يحكم بنياتها؛ فضاق الفكر النقدي حينما أخضع الظاهرة الأدبية لذلك التصوّر.

أما فيما يتعلق بكيفية الاستفادة من معطيات الدراسات الثقافية في الدراسات السردية الحالية؛ فأشار إلى أنَّ المناهج الحديثة أفرزت مادّة خصبة من التحليلات، والفرضيات، والتوصيفات، والنتائج، وهي ثمرة من ثمار الجهد الذي انتهى إليه مفكّرون انخرطوا في صلب العملية النقديّة، وأقاموا هذا الصرح الذي يُمثِّل أحد أهمّ إنجازات العقل البشريّ في مضمار العلوم الإنسانيّة، وتمكّن النقد من فتح المسالك للدخول إلى عالم التخيّل الأدبيّ.

وعن ماهية السياق الثقافي الذي تبلور فيه مفهوم "السردية"، قال المحاضر: أثناء عملي على الظاهرة السردية في الأدب العربي لم أغفل  الزعم القائل بوجود مقايسة بين التعبير السرديّ والنموذج اللغوي بافتراض وجود قواعد ثابتة تقبع تحت التعبير الكلاميّ، وتتحكّم فيه، وكأنّنا بإزاء نحو سرديّ يتحكّم في مواقع الأحداث، ويستبدّ بترتيبها؛ فالسرد -وفق هذه الفرضية- جُملة محكمة الصنع، وقع تصميمها قبل ظهور النصّ، وليس تعبيرًا مرتبطًا بالسياقات الثقافيّة الحاملة له. وما وجدت لذلك القول مصداقية، وجافيته، ونظرت إلى السرد على أنّه ممارسة ثقافيّة أكثر منه ممارسة لغوية يتلفّظ بها اللسان، ممّا جعلني أتحرّر من القيود المدرسيّة للسرديات بالشكل الذي استُعيرت به من سياقها الغربي القائم على فرضية النموذج اللغوي، وانهج نهجًا مرنًا في تحليلاتي النقديّة التي جمعت بين الوصف، والتحليل، والاستنطاق، والتأويل.

وفي نهاية المحاضرة، أشار الدكتور عبدالله إبراهيم إلى الخلاصة التي يقترحها لتحديث الدراسات السردية، والتي أجملها في أنَّ السرديات الكلاسيكية تتنكَّب للبّ المكون للظاهرة السردية، ويتعذّر على فرضياتها القائمة على المقايسة استيعاب ذلك اللب المتحول، فلا تفي بأي وعد تعد به للإلمام بها، والتمكن من خوض غمارها، ولهذا تراجعت بالتدريج، وهجرت، ولم تبق غير رسوم دالة على حقبة من حقب تاريخ النقد.

تعليق عبر الفيس بوك