يا سلام!

 

وليد بن سيف الزيدي

"يا سلام" هي العبارة التي لم يقصد منها هنا أسلوب النداء اللغوي المعروف، وإنما يقصد بها التعبير عن مدى الإعجاب والرضا عن الشخص أو السيارة أو البيت أو أي شيء يكون قد ولَّد شعور الإعجاب والرضا عند الطرف الآخر. فنقول مثلًا: يا سلام عليك يا عمر بقصد التعبير عن الإعجاب والرضا عن عمر في جانب مُعين.

نعم.. تلك العبارة (يا سلام) قالها أو شعر بها عدد من الأسر والطلبة والعاملين في القطاع التعليمي سواء المدرسي أو الجامعي، بحكم أنهم الأقرب إلى العملية التعليمة قبل وأثناء الجائحة. وذلك بعد سماعهم قرار اللجنة العليا المكلَّفة ببحث آلية التعامل مع تطورات الجائحة داخل السلطنة حول إمكانية العودة إلى مقاعد الدراسة داخل المدارس والجامعات في بداية العام الدراسي القادم بإذن الله تعالى.

ومن خلال ذلك الشعور بالرضا لدى الكثير منا حول العودة إلى التعليم المباشر، نُدرك أن التعليم الحقيقي لا يمكن أن يحقق أهدافه المنشودة وفق الخطط المعدة لذلك إلا في المكان الحقيقي له كالمدارس والجامعات وحلقات العلم في الجوامع والمساجد. وهذا ما يؤكد عليه كل من كان له تجربة في العملية التعليمية في ظل وجود الجائحة من المُدرسين والطلبة وأولياء الأمور؛ نتيجة عددٍ من الأسباب تمثلت في ضعف الاستعداد في بعض الدول العربية والعالمية لخوض مثل هذه التجربة من الناحية المعرفية والمهارية في الجانب التكنولوجي– وهنا أريد أن أشير إلى ضرورة التركيز على تطوير المهارات التعليمية التكنولوجية في الفترة القادمة على المستوى الفردي والمؤسسي- وكذلك من الأسباب ضعف شبكات الإنترنت عند البعض وخصوصًا الذين يقطنون في الأماكن البعيدة عن مراكز المدن. وكذلك عدم إيمان البعض بأهمية وفعالية استخدام التكنولوجيا في التعليم وغياب الرغبة في التعامل معها. كما حُرم الطلبة من اكتساب العديد من الأفكار والقيم والمهارات التي لا يمكن اكتسابها من وراء الشاشات والتي تظهر من خلال فكر المُدرس وقيمه وشخصيته وثقافته ومهاراته وحركاته وسكناته ونظراته وتوجيهاته ونصائحه.

نعم..  لم تتضح الفكرة بعد..  ماذا تريد أن تقول؟

 أريد أن أقول إن تجربة التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد والتعليم المدمج في ظل وجود الجائحة في السلطنة حققت نجاحًا؛ بفضل الجهود التي بذلت من الأفراد والمؤسسات، ثم النتائج التي جاءت لتثبت ذلك النجاح. ولكنَّ هذه التجربة لم تكن الأفضل مقارنة بالتعليم المباشر الذي يتم داخل الصفوف والقاعات الدراسية بحضور المعلم والمتعلم.

وأقول إن هذه المهارات التعليمية التي تم اكتسابها في الفترة الماضية من وجود الجائحة لا يجب التفريط بها، وإنما من الجيد الاستفادة منها وتفعيلها في المواقف التدريسية المباشرة خلال الفترة القادمة بما يحقق جودة أفضل في التعليم.

كما أقول إنَّ هذه العبارة (يا سلام) لم تأخذ موقعها المناسب في السياق الشائع لدى البعض منِّا من الناحية الدينية، حيث من الأفضل أن نقول: (تبارك الله) عند الإعجاب بالشيء، وهي العبارة الشرعية التي أرشدنا إليها ديننا الحنيف والتي تكون كدرع وحفظ من إلحاق الضرر بذلك الشيء عند الإعجاب به.

فتبارك الله على نجاح تلك التجربة التعليمية، وتبارك الله على تلك الجهود التي بُذلت وتُبذل من الأفراد والمؤسسات وعلى مختلف المستويات الصحية والتعليمية والتنظيمية، وتبارك الله على تحقيق الأهداف المنشودة في الفترة المنصرمة، وتبارك الله على تلك النتائج التي تم التوصل إليها اليوم، وتبارك الله على تلك المهارات والمعارف والتجارب والخبرات التي تم اكتسابها، وتبارك الله على الوطن عُمان وقائده المفدَّى وشعبه الوفي، وتبارك الله على تلك المنجزات التي تحققت في فترة حكم السلطان الراحل -رحمه الله- والتي ننعم بها اليوم ومنها نُكمل مسيرة العزة والرفعة بإذن الله تعالى.

تعليق عبر الفيس بوك