اضطراب مناعي يؤثر على خلايا الأغشية المحيطة بأعصاب المخ

استشاري طب المخ والأعصاب: ازدواجية النظر وخدر الوجه والغثيان.. أبرز أعراض "التصلب اللويحي"

◄ الرنين المغناطيسي والتاريخ المرضي والفحوصات الإكلينيكية.. وسائل لتشخيص المرض

الرؤية- خاص

قال الدكتور عبدالله بن راشد بن هويشل العاصمي أستاذ مشارك واستشاري أول طب المخ والأعصاب بكلية الطب والعلوم الصحية في جامعة السلطان قابوس، وأمين صندوق الرابطة العمانية لطب المخ والأعصاب والرابطة العمانية لأمراض الصرع إن  مرض التصلب اللويحي المتعدد، عبارة عن اضطراب في جهاز المناعة الذاتي ويؤثر على خلايا الأغشية المحيطة بخلايا أعصاب الجهاز العصبي المركزي (أو بما يسمى المايلين)، وكذلك خلايا الجهاز العصبي المركزي.

الدكتور عبدالله بن راشد بن هويشل العاصمي.jpeg
 

وأضاف العاصمي- في حوار خاص- أن المقصود بالجهاز العصبي المركزي هو "المخ"، وكذلك الحبل الشوكي، لافتا إلى أن المرض يظهر بشكل عام على هيئة نوبات أو نكسات بحيث يتعرّض المريض لأعراض معينة تستمر لعدة أيام أو أسابيع، ثم يتحسن، وقد تتكرر هذه النكسات والنوبات في أوقات مختلف، ومن الصعب توقع متى ستحدث هذه النكسات أو الهجمات.

 

◄◄ نود تسليط الضوء على أعراض هذا المرض؟ وما طبيعة شكوى المريض؟

أعراض التصلب اللويحي أو في بعض الأحيان يسمى "التصلب المتعدد" تعتمد على موقع الهجمة أو النكسة في الجهاز العصبي المركزي، فالمريض قد يشتكي من اضطراب في قوة البصر، بينما قد يشتكي بعض المرضى من ازدواجية في النظر، أو قد يشعروا بخدر في الوجه أو جزء معين من الجسم، وفي بعض الأحيان قد يشعر المريض بالدوران وعدم القدرة على التوازن والغثيان والقيء أو قد يشعر بضعف في إحدى أطراف الجسم وإشكالية في الحركةـ وفي أحيان أخرى قد يواجه المريض عدم القدرة على التحكم في البول، وتظهر هذه الأعراض إما بشكل منفرد أو مجتمعة.

وقد تستمر الأعراض لعدة أيام أو أسابيع في بعض الحالات، ولذلك من الضروري إعلام المريض بأن النكسة هي استمرار الأعراض لأكثر من يوم واحد، وبهذه الحالة تتوجب استشارة الطاقم الطبي المعالج لتقييم الحالة ومعرفة إن كانت هذه الأعراض تُصنف كنوبة أو نكسة جديدة أم لا.

 

◄◄ ما نسب انتشار المرض في السلطنة والدول العربية عامة؟

مرض التصلب اللويحي قد يصيب أي فئة عمرية ولكنه منتشر أكثر بين الفئة العمرية من 20- 40 سنة وخاصةً عند النساء بنسبة 2 إلى 1 تقريباً، وينتشر هذا المرض في الدول العربية ولكن بنسب مختلفة، فعلى سبيل المثال، تشير بعض الدراسات إلى أن انتشار المرض في دول الخليج مثل السعودية وقطر تتراوح المعدلات بين 61 إلى 65 مريض مصاب بالتصلب اللويحي لكل 100 ألف نسمة، بينما تصل في دولة الكويت إلى 105 حالات لكل 100 ألف نسمة، أما بالنسبة للسلطنة، فالحمدالله، النسبة ضئيلة مقارنة بالدول المجاورة. فحسب آخر إحصائية قمنا بنشرها وصلت النسبة تقريباً إلى 16 حالة لكل 100 ألف نسمة، لكن أنوه هنا أنه من الضروري الإشارة إلى أن معظم هذه النسب مبنيّة على دراسات في المستشفيات المرجعية والتي تعالج هؤلاء المرضى، وليست مبنية على دراسات ميدانية، لذا قد تكون النسبة أكثر قليلاً من المذكور.

 

◄◄ ما الأسباب المؤدية لحدوث مرض التصلب اللويحي المتعدد؟

مثلما ذكرت سابقاً أن مرض التصلب اللويحي هو مرض أو اضطراب في جهاز المناعة الذاتية؛ حيث تقوم بعض كريات الدم البيضاء بإنتاج أجسام مضادة، وتقوم تلك الأجسام بمهاجمة أجزاء معينة من الجهاز العصبي المركزي وخاصة الأغشية التي تغطي الخلايا العصبية أو بما يسمى  المايلين myelin، وكذلك على الخلايا العصبية في الجهاز العصبي المركزي مما يؤدي تأثر عملها.

وإلى يومنا هذا، لم يُعرف سبب معين لحدوث هذا المرض، ولكن تم تحديد عدد من العوامل التي قد تؤدي إلى التسبب بالمرض مثل العوامل الجينية والعوامل البيئية ولكن لم يُكتشف الجين الرئيسي المسبب للمرض، ولذلك يصعب توقع نسبة خطورة إصابة الأفراد بالمرض أو نسبة نقل المرض لأطفال المريض. وقد وجدت بعض الأبحاث أن انخفاض نسبة فيتامين د قد تؤدي إلى ظهور المرض وكذلك السمنة المفرطة وخاصة عند الأطفال أو المراهقين التي قد تؤدي للإصابة بمرض التصلب اللويحي المتعدد في حال توفرت العوامل الجينية الأخرى.

غير أن هناك دراسات أثبتت أن الإصابة بفيروس إبشتاين بار Epstein-Barr virus  قد تؤدي أيضًا مرض التصلب اللويحي المتعدد.

 

◄◄ من الفئات الأكثر إصابة بمرض التصلب اللويحي المتعدد؟ ولماذا؟

تشير الدراسات إلى أن مرض التصلب اللويحي المتعدد قد يصيب الفئات كافة، وبشكل أكبر ضمن الفئة العمرية بين 20 و40 عامًا، وأشارت دراسة إلى أن النساء هن الأكثر عرضة للإصابة بالمرض مقارنة مع الرجال؛ حيث تبلغ النسبة 2 إلى 1.

 

◄◄ ما أبرز الجهود التي تبذلها المؤسسات الصحية في السلطنة لرفع معدلات الوعي بمرض التصلب اللويحي المتعدد ومساعدة المرضى؟

لا بُد من الإشارة إلى انتشار وحدات طب المخ والأعصاب في مختلف أنحاء السلطنة إلى جانب توافر هذه الاختصاصات في معظم المستشفيات بالسلطنة، إلى جانب توفر سبل التشخيص الحديثة والتي بات من السهل الوصول إليها.

ويشارك الأطباء المختصين في اليوم العالمي للتصلب اللويحي؛ حيث يمثل ذلك اليوم فرصة مواتية لرفع معدلات الوعي بهذا المرض، إلى جانب جهود الرابطة العمانية لطب المخ والأعصاب التي تستهدف توعية المرضى، فضلا عن المساعي الحثيثة من قبل الأطباء والمرضى أنفسهم لتأسيس جمعية أهلية متخصصة تعنى بمرضى التصلب اللويحي المتعدد في السلطنة.

 

◄◄ كيف يتم تشخيص مرضى التصلب اللويحي المتعدد؟

لا توجد فحوصات معينة لتشخيص المرض، لكن الأطباء المختصين يعتمدون على التاريخ المرضي للمريض وإجراء الفحوصات الإكلينيكية، كما قد يطلب الطبيب المختص مجموعة من فحوصات الدم للتأكد من سلامة جهاز المناعة؛ حيث تتشابه أعراض المرض مع عدد من الأمراض الأخرى مثل الروماتيزم أو الذئبة الحمراء، وتعد فحوصات الدم مهمة أيضاً للتأكد من عدم وجود نقص حاد لبعض الفيتامينات وخاصة فيتامين (د) وفيتامين (ب 12).

ومن أبرز الفحوصات التي تستخدم في الكشف عن مرض التصلب اللويحي المتعدد، تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي؛ حيث يؤدي المرض إلى إحداث تغيرات، ويكمن رؤية هذه التغيرات عبر الرنين المغناطيسي للمخ والحبل الشوكي والتي تظهر كهيئة نقاط بيضاء في المخ (وخاصة في أماكن معينة) والحبل الشوكي، ويمكن أيضاً أخذ عينة من الماء الموجود حول النخاع الشوكي بفحص يسمى البزل القطني lumbar puncture للكشف عن المرض.

وتساعد هذه الفحوصات الطبيب على تشخيص المرض والتأكد من عدم وجود أسباب ثانوية لهذه الأعراض، فعلى سبيل المثال يساهم الفحص الكهربائيللعصب البصري على معرفة كيفية توصيل كهربائية العصب البصري، وفي بعض الحالات يُنصح المرضى استشارة أطباء عيون لإخضاعهم لفحوصات دقيقة للعصب البصري.

ومن الضروري أن يستشير المريض الطبيب المختص في حال شعر بأحد أعراض المرض، وخاصة إذا استمرت لأكثر من يوم؛ ذلك لأن التشخيص المبكر يعد أمرًا محوريًا لعلاج المرض وتفادي تدهور حالة المريض الصحية. وأذكر أنه مرت علينا حالات تأخرت في التشخيص لأن المريض لم يستشر الطبيب المختص؛ حيث كانت الأعراض تختفي بعد فترة، ويتوجب هنا التوضيح حول وجود نوعان من النكسات؛ النوع الأول: يمكن للمريض الإحساس به ، بينما النوع الثاني لا تظهر أعراضه ولا يشعر المريض بها، وتكون طريقة الكشف عنه من خلال الرنين المغناطيسي.

 

◄◄ من وجهة نظر طبية.. ما أفضل أساليب الوقاية من المرض؟

بسبب عدم معرفة مسببات المرض، يصعب تحديد أساليب الوقاية، ولكن من النصائح التي يمكن تقديمها هي اتباع حمية غذائية صحية، والمحافظة على الوزن المثالي في كل الفئات العمرية وخاصة الأطفال والمراهقين، وفي السلطنة يُعد الغذاء المتناول بشكل عام متوازن أمرًا جيدًا، ليس فقط للوقاية من مرض التصلب اللويحي المتعدد؛ بل من عديد من الأمراض المزمنة.

 

◄◄ كيف يمكن تقليل النوبات والتخفيف من حدتها؟

مثلما ذكرنا سابقًا من الضروري جداً استشارة طبيب المخ والأعصاب عند شعور المريض بالأعراض؛ لأن التشخيص المبكر واتباع بروتكولات علاجية معنية، مباشرة، بعد التشخيص سيؤدي إلى تخفيف حدة وتواتر النكسات. ولله الحمد تتوافر مثل هذه العلاجات في وقتنا الحالي. ومن المؤكد أن الطبيب المختص سوف يقرر نوع الدواء المناسب للمريض. وبعض هذه الأدوية تُعطى تحت الجلد، وبعضها الآخر يُعطى في العضلة، وهناك أدوية تُعطى عن طريق الفم، وأخرى تعطى عن طريق الضخ الوريدي (infusion)، وتعطى بعضها شهرياً وبعضها كل 6 شهور.

وهناك مجموعة كبيرة من الأدوية يمكن للطبيب اختيار الأنسب منها حسب طبيعة المرض وعمر المريض والأمراض الأخرى المصاحبة وجنس المريض؛ فمثلاً بالنسبة للإناث يجب الوضع في الاعتبار الزواج والحمل؛ لأن هذه كلها عوامل تؤخذ في عين الاعتبار عند دراسة الحالة واتخاذ قرار الدواء المناسب. ولا شك أن هذه الأدوية يحتاج المريض أن يأخذها بحسب إرشادات الطبيب وكذلك المتابعة الدورية ضرورية جداً، للتأكد من سلامة استخدام هذه الأدوية بالنسبة للمريض وعدم وجود أعراض جانبية تمنع أخذ الدواء.

تعليق عبر الفيس بوك