هل تقبلني أخًا قويًا؟!

إسماعيل بن شهاب البلوشي

في اللحظات العابرة لأي إنسان وحينما يتبادل أطراف الحديث مع إنسانٍ آخر، فإنِّه يكون مبدعاً من حيث التوصيف للحضارات والأمم والدول، وعادةً ما تكون المقارنة حاضرة وبقوة بين من يُدير شؤوناً تهمنا وأخرى هي في عالم المُقارنة، وكذلك فإن هناك اعتقادات شائعة ومترسخة بأن تلك الدول تملك جوانب مهمة ومختلفة، وقد يصل وصفها إلى الخيال، مقابل ما هو متواضع لدينا، ناسيًا أو متناسيًا أن الإنسان هو الإنسان في كل مكان وزمان، وهو من يصنع وبكل دقة تلك المفارقات جميعًا.

ومن تلك الجوانب المهمة جداً هو طريقة تنفيذ العمل والواجب والخدمة للناس، مقابل ما يُمليه عليه القانون والتشريع الوطني أو حتى تلك المقومات الداخلية للإنسان التي آمن بها وترعرع عليها، فلو وضعنا مثالاً أنك رجل شرطة وأوقفت أخاً شقيقاً لك في مُخالفة صريحة لقانون السير، فهل لدى الجميع علم بأن التعامل وعلى مستوى دول العالم في مثل هذه المواقف لا تحكمه القوانين والتشريعات وحسب؛ بل إنها تطبق بمستوى الرقي الحضاري والمجتمعي، وكذلك كيف يقرأ مستوى وطنه؟ وأين يريد أن يضع ذلك المستوى؟ وكيف هي ندية العلاقة بين الناس؟ فهناك مجتمع يرى من التعاون والمساعدة والسماح أرضية مناسبة في مثل هذه المواقف، وهناك من يرى أن القانون سيد الموقف، وأن عدم تنفيذ القانون وتطبيقه على الجميع تخاذل كبير في أداء الواجب ورسالة سلبية غير مقبولة، وأنك عاقبني لأستقيم ويستقيم كل شيء، وما بين الجانبين من وجهات النظر عالم واسع واختلافات متباينة لا حصر لها.

فهنالك من يرى في قوة القانون طريقاً لا حياد عنه ومن الجميع وبأسلوب مترفع ومتعقل، وهم تلك الفئة البعيدة النظر في عدم التهاون خوفاً من أن يتبع ذلك تهاون آخر، فيكون مصير القانون الزوال، وسيكون مكانه أسلوب لا يرضونه في وطنهم على المدى البعيد.

أما الجانب الآخر فإنِّه يرى من الليونة والسماح جزءاً من علاقاتهم المترابطة؛ وذلك من خلال التسامح والتسهيل والمساعدة المتبادلة بين الجميع وفي كل نواحي الحياة، ومن ذلك نطّلع على أن التنازل وعدم تطبيق القانون هو جزء من ديمومة حياة، وليس مجرد تهاون في تطبيقه، وأنه وفي حالة أن طبّق أحدٌ النظم والقوانين ومن جانبٍ واحد فسوف ينظر إليه بالاختلاف والانفراد، في مجتمعٍ تعوّد على أن التساهل والتهاون هو سيد الموقف، وسينظر إليه أنه مختلف، وسيُحارب من أغلب أفراد المجتمع، وفي جميع ما يلزمه سيتم التعامل معه  بشيء من الاختلاف كوسيلة ضغط حتى يكون كما تريده عادات ذلك المجتمع.

وأخيرًا.. وحينما نتساءل عن أسباب عدم إنجاز معاملاتنا ومصالحنا بالسرعة المناسبة، فإن علينا أن نضع الكثير من اللوم على أنفسنا قبل أن نوّجه اللوم إلى الآخرين، ذلك أن إنجاز كل شيء يتبع طريقًا غير مباشر نحن من أقره ومن حيث لا نعلم، ومع أنني لا أدعو إلى التشدد والقوة في التعامل، وأنني مع النصيحة والتوجيه في الكثير من الجوانب، لكن ليس إلى درجة الإصرار وتعمد كسر قوانين وطنية راقية ومهمة للمحافظة على مستوى وسمة وسمعة وطنية مهمة.