باحثون عن أملاك عقارية

 

فايزة بنت سويلم الكلبانية

faizaalkalbani1@gmail.com

قبل فترة، خضتُ نقاشًا مفتوحًا مع عددٍ من الزملاء والزميلات حول حراك مُتواضع في بحثهم عن التملك العقاري؛ حيث شاركتهم من باب الفضول والتجربة للوقوف على الوضع واقعيًا، ومن خلال زيارات عدة بالميدان والتعرف على سوق العقار عن قرب، والخوض في تفاصيله الدقيقة برفقة البعض من أصحاب العقارات والسماسرة والممتهنين للقطاع من ذوي الخبرة في المجال، وكثرة المعروض للإيجار أو التملك بالسوق المفتوحة، وفي تلك الأثناء أيقنتُ فعلًا أنَّ القطاع العقاري يُعاني، حاله من حال القطاعات الأخرى، التي تأثرت بالأوضاع الناجمة عن انتشار وباء كورونا (كوفيد-19) منذ مطلع العام 2020.

وشهد القطاع تراجعًا ملحوظًا في حركة السوق في الاستثمار العقاري، لا سيما وأن السوق المحلي يشهد قيام عدد كبير من المشروعات العقارية السكنية والتي بدأت تخلو من مستأجريها، مما أدى إلى ركود سوق العقار، وانخفاض الأسعار في ظل تراجع الطلب وكثرة العرض، والبعض من ملاك هذه العقارات وصل إلى عدم قدرته على سداد التزاماته المالية والتعثر في السداد جراء هذا الركود وغيرها من القرارات الأخرى، كرفع رسوم التصرفات العقارية، وفرض الضرائب والتعديلات التي طرأت على قانون الاستثمار الأجنبي وغيرها من العوامل والمُؤثرات التي شهدها قطاع العقار التي أثقلت كاهل العاملين فيه نتيجة لعزوف المستثمرين، والبعض عمل على تجميد أمواله؛ خوفًا من المغامرة بالاستثمار في هذا القطاع نتيجة لتردي الأوضاع وخوفاً من الخسارة والتعثر.

البعض يعول على خطة التوازن المالي (2021 -2024) وأن يكون لبعض الإجراءات دور إيجابي في إنعاش القطاع العقاري، ولكن ما يشهده القطاع اليوم من تأثيرات انتشار فيروس كورونا، وما سبقها من تأثيرات نتيجة لتراجع أسعار النفط أدت جميع هذه المؤثرات إلى زيادة الركود بالقطاع، لاسيما بعد أن تم تسريح عدد كبير من العاملين الأجانب بالسلطنة والذين يشكلون نسبة لا بأس بها من المستأجرين للعقارات، مع استمرار الخطط الحكومية للتوسع في إحلال الوافدين بالمواطنين. واليوم قد خلت هذه العقارات والبنايات من مستأجريها لعودتهم لبلدانهم ومُغادرتهم السلطنة، هذا إلى جانب ما شهدته السلطنة من أنظمة العمل عن بُعد، والإغلاقات للحد من انتشار فيروس كورونا وتقليص الرواتب، مما أدى إلى ترك البعض لأماكن سكنهم عالية الإيجارات للبحث عن مكان آخر بأقل سعر لمواكبة هذه التغييرات المادية، والبعض ممن تم تسريحهم من أعمالهم وتركوا أماكن السكن التي يقطنونها بدافع العمل بعيدا عن بلد إقامتهم، هذا كله أجبر ملاك العقارات على تخفيض الإيجارات بنسب متفاوتة ليتمكنوا من الحفاظ على عوائد مجزية في ظل المتغيرات التي تشهدها البلاد.

البعض من المستثمرين يجد أن أحد الحلول للخروج من هذا النفق المظلم لملاك العقارات يتمثل في السماح للوافدين بشراء العقارات وتملكها، وفق معايير وشروط تتناسب مع الاستثمار الأجنبي والضوابط الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما وأن عددا من العاملين الأجانب المستوفين لشروط الإقامة قد تكون لديهم الرغبة في التملك خلال فترة إقامتهم بدلاً من تحويل أموالهم لبلدانهم في الخارج، وأن يفتح باب التملك في المحافظات الحيوية التي تستوفي الشروط كالعاصمة مسقط على سبيل المثال ولا نقول أن يكون التملك في الولايات الداخلية أو بالأحياء السكنية، وأن يقتصر التملك على عقار واحد كحد أقصى لمن يمتلكون إقامة سارية المفعول وغير مُنتهية، وأن تكون جميع المعلومات المقدمة حول العقار للتملك واضحة أمام الجهات المختصة، ويتم التأكد بألا يكون للشخص الراغب بالتملك عقارات أخرى بالسلطنة، وغيرها من الاشتراطات والضوابط التي ستساهم في سد الفجوة في السوق العقاري، وإنعاشه في ظل شح الوظائف المعروضة وعدم توفر السيولة لدى العُمانيين للتملك في الوقت الراهن، ويكون هذا التسهيل متزامنا مع اشتراطات الإقامة للوافدين.

قد يجد هذا المقترح تباينا في القبول والرفض بين مؤيد ومعارض كحال أي قرار آخر، ولكن مع الوقت سيجني ثمار القرار ملاك العقارات، وهم مواطنون يبحثون عن حلول لتعثر أعمالهم كحال غيرهم من رواد الأعمال، فكل هذه التسهيلات قد تساعد السوق العقاري بالانتعاش التدريجي، ولا يتم اقتصار التملك للأجانب بالموج فقط كما هو مُتعارف لدى الجميع، وإنما تتاح فرص للتوسع حسب الرغبة والمتاح في مُحيط العاصمة لمن يرغب بالتملك، وتتوفر لديه السيولة في ظل تكدس العقارات والبنايات والفلل بلا مستأجرين ولا راغبين في التملك من العُمانيين لعدم توفر السيولة لديهم، فهذا التوجه يُعد فرصة حقيقية لوقف نزيف الخسائر لملاك العقارات.