للحرية مكيال

 

ظافر بن عبدالله الحارثي

dhafiralharthi@gmail.com

"الإنسان هو أغلى ما نملك".. هكذا حال لسان القانون وهذا ما يتمحور حوله، إلا أنَّ هذه الحقيقة لم تسلم كغيرها من الحقائق التي تدحض وتستبدل بما ليس في صالح فكرة النظام، والاستقرار، والمساواة، والعدل، لتحل مكانها مجموعة من المصطلحات ذات أفكار فوضوية وأبعاد تحيد بمضمونها عن الصراط  المُستقيم، معتمدةً على عوامل تتسم بقدر كبير من الخفية التي لا تمكننا تلك القدرة على ملاحظتها بالرغم من أن نتائجها ذات أثر كبير كعنصر الزمن على سبيل المثال الذي يعول عليه الكثير في خلق وسع بدائرة الاستثناء لتختفي القواعد، والذي يعتمد عليه في إذابه الأصل.

مما لا شك فيه أن الحقوق والحريات من الموضوعات الهامة والتي لا يخلو بابها من دساتير دول العالم، إلا أن من الملاحظ أنها تختلف من دولة لأخرى نظرًا لحضارة وثقافة ونظام وديانة وعادات وتقاليد سكان كل دولة، علاوةً على كل العناصر التي تأخذ بعين الاعتبار لتقرير ما في مصلحة سكان ذلك الإقليم بعينه وما يناسبه وتلك هي مناط صلاحية السيادة؛ إلا أنه في المقابل هذه الموضوعات تواجه باستمرار تحديات عديدة أبرزها: العولمة، والفكر، والتقدم والتطور، والتجدد وغيرها، والتي من شأنها إحداث ثغرات بشكل متواصل في جوهر قالب القانون لأغراض هدفها إضعاف المجتمع.

في هذه المقالة استثني التحديات الإيجابية التي تواجهها المنظومة العدلية؛ كالتحديث والتجديد وغيرها من العناصر التي تبرز لقيادة المنظومة في مسار صحيح واتجاه يعكس إرادة المجتمع وينم عن وعي وتطور طبيعي؛ ولكن ما أعنيه بالدرجة الأولى هي تلك الأفكار التي تعمل على إذابة القانون بطريقة قانونية، وبالرغم من أنني لا أعلم ما الغرض المُلح لقيام رواد تلك الأفكار بهكذا مبادرات إلا أنني حتمًا أعلم النتائج التي سوف نصل إليها ما إن تمكنوا من ترجمتها في أرض الواقع.

"لا قانون بلا مجتمع ولا مجتمع بلا قانون" هذه من المبادئ الأساسية التي تربط الإنسان بالقانون بل ومدى أهمية ذلك، وذلك على أساس أن الأفراد هم مجموعة من البشر يتداخلون فيما بينهم ويتعاملون مع بعضهم البعض وهذه من المسلمات التي تعكس فطرة الإنسان في هذه الحياة، حتى ذلك الفرد الإنطوائي لا يمكنها لعيشه دون إبرام تصرفات قانونية مع غيره من البشر، فضلاً عن أنَّ هذه المساحات الشائعة تحتاج لنظام حتى تستوعبنا وتحدد خطوط للحقوق والحريات، حتى لا نتعدى قدرنا الذي بتخطيه ننتهك حرية الآخرين.

ومن جانب آخر هذه القواعد القانونية تحافظ على التوازن الطبيعي الذي باختلاله تختل منظومة عيشنا وتسقط معها باقي أعمدة الاحتياجات الضرورية، وقبل كل ذلك تراعي هذه النصوص قيمة المُجتمع ونظامه العام، فضلاً عن بقية الثوابت التي هي في الأساس تُعد مصادر القانون كالدين؛ خلاف كل ذلك ما تتعرض له القوانين من تحديات أخرى تعد ظاهرة صحية هدفها إرساء الأسس القويمة.

من أهداف كتابة هذه المقالة والتي لا يخفى على قارئها هو مجابهة حرب الفكر بفكر، وإعادة طرح الظواهر السلبية بمنطقية بحيث نستقرأ جميعنا أهدافها وأغراضها بل حتى الفئة التي تخدمها، وفي المُقابل لحث الأفراد على التعرف على جوهر القانون ورسالته، ونخلق جميعنا من خلال العلم والمعرفة جدارًا حصينًا يردع كل بذرة تفسد تربتنا الطيبة، وكل مفسد متربص باستقرارنا وتهديد أمننا، لتكون الثقافة القانونية هي بوابة لأدوات المعالجات الضرورية.

تعليق عبر الفيس بوك