لا حل لنا إلا بالانتعاش الاقتصادي

 

 

خلفان الطوقي

 

حال السلطنة كحال مُعظم الدول، لديها أكثر من أزمة في ذات الوقت اجتماعية واقتصادية وصحية، وجميع الأزمات مرتبطة ببعضها البعض، ولا يمكن فصل واحدة عن الأخرى، ولا يمكن حل معضلة واحدة وإهمال باقي المعضلات، لكن الخبر المفرح أنه يمكن لجانب واحد أن يخفف من آثار باقي الجوانب، وهذا ما سوف يحاول المقال شرحه.

الأزمة الاقتصادية في الخليج- ومنها السلطنة- بدأت في نهاية 2014، لكنها وصلت للقمة الآن وما زالت، وتظهر جليًا مع استمرار أزمة كورونا (كوفيد 19)، ففي هذا العام الصدمات كثيرة ومتتالية وغير معتادة لكثير من الأفراد والمؤسسات، فاعادة هيكلة المؤسسات الحكومية، وإقرار برنامج التوازن المالي، وأن كانت أهدافه الاستدامة المالية والتنموية، إلا أن كثيراً من الأفراد والمؤسسات لم يكونوا في أهبة الاستعداد، ولم يكونوا متهيئين بما فيه الكفاية لهذا السيل من القرارات والإجراءات والسياسات، فأصبح المتداول من أحاديث بين الأفراد والمؤسسات والمنتديات والمنصات الإلكترونية تزايد حالات الإفلاس وتصفية المؤسسات التجارية، وزيادة معدل القضايا المالية في المحاكم، وخلو الكثير من الشقق السكنية والتجارية، وهجرة مئات الآلاف من الوافدين، وقلة المشاريع التنموية، وتعاظم طلبات الراغبين في المساعدات المالية من الجمعيات الخيرية، وقلة المعروض من فرص وظيفية للعمانيين من جانب، وزيادة المسرحين وفرص التسريح المستقبلي لآخرين، وضعف القوة الشرائية للأفراد، وغيرها من ظواهر لم تكن ملحوظة في السابق.

لا يمكن لأي حكومة أن تتوقع أن مثل هذه الظواهر وإن كانت اجتماعية واقتصادية لن تؤثر سلبا على الجوانب السياسية والأمنية، وأن التأخر في رصد هذه الظواهر وحلحلتها سوف يعقد ويشربك الملفات أكثر فأكثر، ولنا في التاريخ القديم والحديث داخل عمان وخارجها قصص وعبر.

رصد الظواهر السلبية خطوة من عدة خطوات، ويمكن التأكد منها وارتفاع معدلاتها من خلال الأجهزة الإحصائية والمعلوماتية، ولكن الخطوات العملية الأهم هي اتخاذ قرارات اقتصادية شمولية وجماعية جرئية بشكل سريع تهدف إلى إنعاش السوق العماني، وهو قرار سياسي اقتصادي جريء يصدر من مجلس الوزراء الموقر، وتتحمل كل وحدة حكومية واجباتها في إنعاش الاقتصاد العماني.

علينا أن نكون واقعيين ونبتعد عن المفردات المثالية؛ حيث لا  يمكن أن نتخيل أن نولِّد وظائف جديدة دون انتعاش اقتصادي، ولا يمكن أن تدفع الشركات التجارية ضرائب للحكومة دون أرباح سنوية، ولا يمكن أن تأتي لنا الشركات العالمية المعروفة بتعرفة كهرباء وغاز وبنزين وماء وأرض غير منافسة إقليميا، ولا يمكن للمستثمر المحلي أن يكون منافسا خارج بلاده بكلفة عالية تشمل كلفة التوظيف والاقتراض والكلف التشغيلية الأخرى، ولا يمكن إيقاف الشكوى السلبية والتذمر والمناشدات المجتمعية إلا بتوسعة ساحة الفرص الاستثمارية، بالمختصر لا يمكننا تحقيق أهداف الرؤية الوطنية "عُمان 2040" إلا بالانفتاح والانتعاش الاقتصادي، والخروج من عباءة الحلول التقليدية والمتحفظة أكثر من اللازم.