كُن مختلفًا

 

عائشة بنت جمعة الفارسية

 

"إنّك إن تجرّأت على أن تكون مختلفاً، عليك أن تكـون مستعدّاً للمهاجمة" باولو كايلو.

 

اقتحمت عالم الإنترنت مبكرا أسهمت الظروف وقتذاك بتعلقي بهواية ملأت روحي قبل وقتي. تعرفت من خلالها على نساء من بلاد شتى.

جذبتني تلك البرازيلية التي تعدت الخمسة عقود أو تكاد تنهيها، من خلال متابعتي لها في الفيسبوك. إلا أنها مع هوايتنا المشتركة غلبتني بهواية أخرى.

تشترك هي وزوجها في ممارسة رياضة الجري. لا ينتهي شهر إلا ودخلت سباقا.

في الصفحة العامة تأتي إشعارات نشاطاتها كسائر المضافين في القائمة، مذيلة بصورة وهي تحمل الميدالية الذهبية أو البرونزية أو الفضية.

لا إرادياً تنعكس صورة من يماثلها سناً من بنات جنسي وبلدي. لاحت لي مشاهد عدة، فمنهن لا يصلي إلا على كرسي، وتلك التي أقصى وقتها في الممشى 20 دقيقة ثم يبدأ اللهاث وتبطئ الخطوات وتتسارع ضربات القلب وتتصبب الجبهة عرقًا. وهن يصغرنها عمرا.

لا أخفيكم سرًا أن ساندرا من ريو دي جانيرو يزيد وزنها عن طولها بالقياس الأمريكي والفرنسي على حد سواء. إلا أنَّه ينتهي السباق دائماً حاملة الميدالية.

ولا أجد إلا أصبعي قد بصم لها تحية، فأضع قلب إعجاب وأعلق على منشورها بالبرتغالية "lindo". عندما أراها تزيد عزيمتي في مخزون العطاء الذي أكتنزه وأنا أحاول أن أدثره عن أفكار ومعتقدات يخجل المرء الإفصاح عنها ونحن مجتمعات الفئة الغالبة فيها ذات علم وثقافة.

يحملون شعار "كبرنا" ينظرون إليك بتجهم وكأن العمر مقاساً بسن إذا اجتزته حرمت عليك ما يتمتع به غيرك.

مع العلم أنه حين تبدأ نقاشاً معهم مع اختلاف الجنس كلهم يشجعون من يغالب العمر في ممارسة هواية أو تكسوهم عزيمة العمل وحبه والتفاني والإخلاص له، متناقضين بين ما هو كائن وما يجب أن يكون.

ومنهم الكثيرون ممن فضل جلوس المقاهي صباحا ومساء، أو تصفح الهاتف أغلب وقته هدفه الأسمى قضاء وقت.

منهياً بذلك حقبة من عمره قد تكون الأفضل عن ما مضى ولكنه سبق سيفه العذل فقرر قتل خبراته وإمكانية التغيير التي قد تشكل فارقاً جديدًا.

يقول جلال الدين الرومي: "ما ضرك لو أطفأ هذا العالم أضواءه كلها في وجهك، ما دام النور في قلبك".

فما دمت مقتنعًا بما تقوم به، لا تفتح أذنيك إلا لمن يسايرك فكرًا، وغير ذلك فالصمت لهم خيرُ مجيب.

تعليق عبر الفيس بوك