ملتزمون بالبقاء في المنزل

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

نعم نحن جميعاً كمواطنين ومقيمين ملتزمون لما في ذلك من مصلحة عامة يُبتغى منها إيقاف التجمعات بمختلف أشكالها للمساهمة في الحد من انتشار فيروس كورونا (كوفيد19).

ونحن كذلك ملتزمون نحو تنفيذ قرارات اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا الصادرة بتاريخ 6 يوليو 2021، وبما أن هذه اللجنة مشكلة بأوامر سامية من لدن المقام السامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- إذًا فإن التزامنا بالبقاء في المنزل هو واجب وطاعة لولي الأمر؛ امتثالاً لقول الله عز وجل في سورة النساء الآية 59 "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا".

ندرك أن حرية حركة تنقل الأفراد كفلها الدين والقانون، إلا أن هناك قاعدة فقهية يتوجب علينا فهمها وهي درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ولكون طبيعتنا كبشر مقاومة لأي جديد خلاف ما اعتدنا عليه فإنه في كل الأحوال يتوجب علينا الامتثال للقرارات والبقاء في منازلنا وهذا ليس من باب مخافة تحرير مخالفات من جانب القائمين على تطبيق إجراءات منع الحركة في حال صدرت منِّا مخالفة ولكن ذلك امتثالاً وطاعة لله ولولي أمرنا، بالإضافة إلى أن اللجنة العليا راعت من لديهم مبررات الخروج وفقاً للضوابط.

من جانب آخر فإن بقاءنا في منازلنا خلال فترة إيقاف حركة الأفراد والمركبات المتزامنة مع فترة عيد الأضحى المبارك وما يليها يُعد منافياً لما اعتدنا عليه في السابق من إحياء لشعائر العيد بالتقرب للمولى عز وجل بذبح الأضاحي وصلة الأرحام وزيارة الأقارب والجيران وإظهار الفرحة بالعيد السعيد والتنقل بين الحدائق والمتنزهات ابتهاجاً بالعيد وهذا حق مشروع بكل تأكيد، نعم إلا أنَّ صلاة الجماعة في المساجد وصلاة العيد في المصليات تبقى أكثر أهمية من مظاهر العيد نفسها ومع ذلك فإنها تسقط شرعاً مع إجازة السلطات المختصة إقامة الصلوات في المنازل حفظاً للنفس.

ورغم أنَّ بقاء البعض في منازلهم ستتعطل معه مصادر معيشتهم وأرزاقهم خاصة ممن يكسب قوت يومه من خلال الأعمال والمهن والحرف الفردية، إلا أن الدولة مشكورة كانت قد عالجت أوضاع بعض هذه الفئات من خلال صرف الإعانة الشهرية لمدة 6 أشهر من صندوق الأمان الوظيفي، إلا أنه توجد شرائح لم تحظى بالتغطية من هذه المنفعة بالرغم من وجود أوامر سامية، ولدينا الكثير ممن تأثرت مصادر دخلهم، ولكن لا نقول هنا إلا أن الوطن يستحق منا جميعاً التضحية وتجاوز هذه الأزمة يتطلب تكاتف جهودنا جميعاً أفراداً وجماعات، وصحيح أن اللجنة العليا تصدر بين الفينة والأخرى بعض القرارات لمعالجة الأوضاع إلا أنها لا تمتلك جهاز تحكم أو ريموت كنترول للضغط على مفتاح معين لإيقاف الحركة ومفتاح آخر لإيقاف انتشار الوباء، ولكن يتوجب علينا جميعاً أن نستوعب أن هذا الإجراء ليس صعباً على الأفراد فقط، ولكون يكلف الدولة الكثير، ومؤكد بأن بقاءنا في منازلنا خلال هذه الفترة سيُسهم في الحد من انتشار الجائحة وخفض الأرقام الإحصائية لإصابات ووفيات كورونا اليومية، ومن جانب آخر فإنه يتوجب على القائمين من المختصين لدى الحكومة التعجيل في إعطاء جرعات اللقاح لبقية فئات المجتمع.

نحن وإن كان لبقائنا في منازلنا آثار سلبية، ولكن تظل فرصة لنا للجلوس مع من نقيم معهم في ذات المنزل من أفراد العائلة لنتحدث معهم ونحكي لأبنائنا حكايات الآباء والأجداد وحكايات الماضي التليد وإنجازات الحاضر وآمال المستقبل المشرق، وهي فرصة كذلك لنتدارس معاً كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم المرسل للعالمين وهذه بكل تأكيد رغم ظروف البعض منحة أتت على شكل محنة، فمثل هذه الفرص قد لا تتوافر في الأيام العادية بشكل متكرر واستغلالها الاستغلال الأمثل من جانبنا فرصة لنا بكل تأكيد كيف لا ونحن لدينا متسع من الوقت لمناقشة اهتمامات الأسرة وقضاياها المختلفة كضبط ميزانية النفقات وترشيد الإنفاق والاستهلاك وتنمية ثقافة الادخار وتربية الأبناء، والتعليم الإلكتروني وغيرها من الأمور والمواضيع التي تختلف وفق أولويات الأسر.

بكل تأكيد نحن جميعاً ملتزمون بالبقاء في المنزل آملين أن تتحقق الأهداف التي من أجلها تم إصدار هذا القرار رافعين أكفنا بالدعاء إلى الله عز وجل بأن يرحم عباده ويرفع عن بلادنا هذا الوباء وأن يحفظ عُمان وسلطانها وشعبها والمقيمين على أرضها الطيبة من كل مكروه، وكل عام والجميع بخير.

تعليق عبر الفيس بوك