ما يمكن إنقاذه!

خلفان الطوقي

يُقال إنَّ الأزمات لا تأتي فرادى، وقد بدأت الأزمات بانخفاض سعر النفط في نهاية عام 2014، ومُستمرة باستمرار جائحة كورونا من إغلاقات وخسائر مالية وقلة مبيعات واستمرار الضغوط بالدفع للجهات التمويلية، وزاد هذه الضغوط ارتفاع المصاريف المالية على التاجر والمستهلك في صورٍ عدة؛ من رفع رسوم الخدمات الحكومية والضرائب المتنوعة، وانتهاء بالرفع التدريجي للدعم المقدم على الكهرباء والمياه، وقبل ذلك المشتقات النفطية.

لا داعي لأن نفصل ما قامت به الحكومة من إجراءات وقرارات لأنها أصبحت معروفة للجميع، قد يكون مبررا من ناحية معينة، ولها فوائد أهمها السيطرة على الدين العام، ورفع التصنيف الائتماني للسلطنة، وعدم تخفيض العملة الوطنية، وعدم الاقتراب من رواتب الموظفين الحكوميين، ولكن يبقى بعض هذه الإجراءات مؤلما وقاسيا جدا للمجتمع من أفراد ومؤسسات، ومساويه قد تكون أكثر ألمًا وتعقيدًا.

فكثير من المؤسسات التجارية أصبحت مُعاناتها من كل الجهات، فهي مكبلة بمصاريف تشغيلية منوعة مع الارتفاعات السعرية المستجدة، ومطلوب منها دفع تمويلها البنكي الشهري، ومن الناحية الأخرى تُعاني من قلة المشاريع الحكومية والخاصة، وبالمقابل معولا عليها رفع نسب التعمين (التوطين)، وغير مسموحٍ لها التسريح مهما كانت الظروف ومتغيرات السوق.

اما بالنسبة لكثير من الأفراد، فالوضع أصعب، فالمشاهد المجتمعية المنتشرة لايُمكن تفاديها مهما حاول ذلك، فهي منتشرة في صور شتى، كالمناشدات الملحوظة في منصات التواصل الاجتماعي، ونوعية المقالات المكتوبة، والحوارات المتشائمة في المجالس بنوعيها الواقعي والافتراضي، والتندر بعد أي قرار حكومي، وغيرها الكثير من الصور.

هذه مؤشرات يرصدها الشخص العادي، ولا أشك أنها ليست مرصودة من أجهزة الدولة المختلفة، المهم الآن التحرك ميدانيًا، فالوضع يستدعي ذلك حالاً، فكل تأخير لن يكون في الصالح العام، وضريبته ستكون غالية جدًا، ولا مجال للانتظار.

كثيرٌ من المؤسسات التجارية والأفراد يلاحظون الجانب المالي لقرارات الحكومة، لكنهم لا يرون أي قرارات اقتصادية تسهل من حياتهم في أرض الواقع، وإن لم تتدخل الحكومة متضامنة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في أسرع وقت ممكن، سيكون الوضع أكثر تعقيدا، وأقل الأضرار المتوقعة أن تزيد حالات الإفلاس، والتسريح، وقلة الوظائف، وتقليص الأنشطة التجارية، وهروب الأموال المحلية قبل غيرها، ورهبة المستثمر الخارجي المتواجد، وتردد المستثمر المستهدف من القدوم للسلطنة، وهذا سيجر معه ملفات أخرى أكثر تعقيدًا.

عامل الوقت مهم، فقد حان الوقت لكل جهة حكومية أن تقدم أفضل ما في جعبتها من خطط اقتصادية  وقرارات ومبادرات تساهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأن تسهل على الأفراد والمؤسسات التجارية  الاستمرار على الأقل، ومساعدتهم لرؤية النور في نهاية النفق، وسماع أخبار ومبادرات مفرحة تطمئنهم بأن هناك في انتظارهم مستقبل مبشر بالخير.