تركيا "تستفز" أوروبا مع فتح جزء من مدينة قبرصية مهجورة.. واليونان "تدين بأشد العبارات"

نيقوسيا- رويترز

أعلنت السلطات القبرصية التركية اليوم الثلاثاء إعادة فتح جزئي لمدينة مهجورة من أجل احتمال إعادة توطينها، مما أثار انتقادا شديدا من القبارصة اليونانيين لما وصفوه بتنسيق "عملية اغتصاب للأرض".

وأصبحت فاروشا مهجورة منذ حرب 1974 التي قسمت الجزيرة، كما إنها منطقة عسكرية لا يُسمح لأحد بدخولها وتضم مجموعة من الفنادق والمساكن الشاهقة المهجورة. وفتحت السلطات القبرصية التركية منطقة صغيرة للزيارات اليومية في نوفمبر 2020 وقالت اليوم الثلاثاء إن جزءا منها سيتم تحويله إلى الاستخدام المدني مع توفير آلية تمكن الناس من استعادة ممتلكاتهم.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي كان يزور شمال قبرص اليوم الثلاثاء "سيبدأ عهد جديد في ماراس سيستفيد منه الجميع". وماراس هو الاسم التركي لفاروشا.

ويقول القبارصة اليونانيون إن تغيير وضع المنطقة يُظهر نية تركيا الواضحة في الاستيلاء عليها. ووصف الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس الخطوة بأنها "غير قانونية وغير مقبولة". وقال أناستاسيادس "أريد أن أبعث بأقوى رسالة إلى السيد أردوغان ووكلائه المحليين بأنه لن يتم قبول الإجراءات والمطالب غير المقبولة لتركيا".

وقالت وزارة الخارجية اليونانية إنها تدين هذه الخطوة "بأشد العبارات" بينما قالت بريطانيا، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، إنها ستناقش القضية على وجه السرعة مع أعضاء المجلس الآخرين موضحة أنها "تشعر بقلق عميق".

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية إن "بريطانيا تدعو جميع الأطراف إلى عدم اتخاذ أي إجراءات تقوض عملية التسوية القبرصية أو تزيد التوتر في الجزيرة".

وأبدى مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل قلقه العميق اليوم الثلاثاء وقال على تويتر إن "القرار الأحادي الذي أعلنه اليوم الرئيس أردوغان و (زعيم القبارصة الأتراك إرسين) تتار يخاطر بإثارة توترات في الجزيرة وتقويض العودة إلى المحادثات بشأن التوصل لتسوية شاملة للقضية القبرصية".

وتدعو قرارات الأمم المتحدة إلى تسليم فاروشا لإدارة الأمم المتحدة والسماح للناس بالعودة إلى ديارهم.

وقال أناستاسيادس إنه إذا "كان هم تركيا الحقيقي هو رد الممتلكات لأصحابها القانونيين.. كان يجب عليها تبني قرارات الأمم المتحدة وتسليم المدينة إلى الأمم المتحدة والسماح لهم بالعودة في ظروف آمنة".

وتحل اليوم الثلاثاء ذكرى مرور 47 عاما على الغزو التركي عام 1974 بعد انقلاب للقبارصة اليونانيين دبره الجيش الذي كان يحكم اليونان آنذاك. وتعثرت جهود السلام مرارا وتقول القيادة القبرصية التركية الجديدة، المدعومة من تركيا، إن اتفاق السلام بين دولتين ذات سيادة هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق.

ويرفض القبارصة اليونانيون، الذين يمثلون قبرص دوليا ويدعمهم الاتحاد الأوروبي، اتفاق الدولتين للجزيرة والذي يمنح وضعا سياديا للدولة القبرصية التركية الانفصالية التي لا تعترف بها سوى أنقرة. وقال أردوغان "عملية التفاوض الجديدة لا يمكن تنفيذها إلا بين الدولتين. نحن على حق وسندافع عن حقنا حتى النهاية".

وانتقدت فرنسا اليوم الأربعاء إعلان سلطات القبارصة الأتراك إعادة الفتح الجزئي للمدينة المهجورة، ووصفته بأنه عمل "استفزازي"، وذلك في أحدث انتقادات يوجهها الغرب وترفضها أنقرة.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن وزير الخارجية جان إيف لو دريان ناقش الأمر مع نظيره القبرصي أمس الثلاثاء وسيثير المسألة في الأمم المتحدة. وقال المتحدث باسم لو دريان "فرنسا تشعر بالأسف الشديد إزاء هذه الخطوة الأحادية التي لم يجر التشاور بشأنها والتي تمثل استفزازا وتضر بجهود إعادة بناء الثقة المطلوبة للعودة للمحادثات الملحة من أجل التوصل إلى حل عادل ودائم للمسألة القبرصية".

كما عارض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا واليونان الخطة التي تم الكشف عنها عندما كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يزور نيقوسيا أمس الثلاثاء. ووصف أردوغان الخطة بأنها "حقبة جديدة" لفاروشا الواقعة على الساحل الشرقي للجزيرة.

وقالت وزارة الخارجية التركية إن انتقادات الاتحاد الأوروبي "باطلة ولاغية" لأنها لا علاقة لها بالواقع وتأخذ صف اليونان العضو في التكتل. وأضافت "من غير الممكن أن يلعب الاتحاد الأوروبي أي دور إيجابي في التوصل لتسوية للقضية القبرصية".

وتعثرت مرارا جهود إحلال السلام في الجزيرة المقسمة عرقيا. وتقول القيادة الجديدة للقبارصة الأتراك المدعومة من تركيا إن التوصل لاتفاق سلام بين دولتين تتمتعان بالسيادة هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق والاستمرار. ويرفض القبارصة اليونانيون حل الدولتين الذي يمنح السيادة لدولة القبارصة الأتراك المنشقة في شمال الجزيرة والتي لا تعترف بها سوى أنقرة.

تعليق عبر الفيس بوك