تعددت السكاكين والموت واحد

 

خليفة بن عبيد المشايخي

Khalifaalmashayiki@gmail.com

 

نتفق أنَّه في كل زمان ومكان، تميل الأنفس الطيبة الخيرة النقية التقية الصافية إلى أن تعيش في أمن وأمان وحب وسلام، ووئام واطمئنان واستقرار، وحينما نعلم أن كل مولود يولد على الفطرة كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه من هذا يمكننا القول إن التربية الحسنة والنشأة الطيبة والعادات والتقاليد والبيئة التي يعيش بها الإنسان، إما أن تجعله إنسانا سويا صالحا ومصلحا ومفيدا لأمته ولمجتمعه، يستمر على فطرته بأن يؤمن بالله ويعرفه ويقدره ويأتمر بأوامره وينتهي عن نواهيه، ويعرف الشر ويمتنع عنه، ويعلم الخير ويسعى له.

أو أنه يكون إنسانًا غير ذلك شاذًا عن كل ما تقدَّم ذكره، مع التسليم بأنه لكل قاعدة شواذ، إلا أنه لا قياس على الشاذ، لكن إن أتى بجرم وبفعل وبشيء لم يألفه المجتمع الآمن والمُحافظ، قطعًا فإنَّ شذوذه سيكون له نتائج وآثار سلبية.

وبالنظر إلى ما جاءت به الفطرة وهو أن يكون الإنسان شعوريا لديه إحساس داخلي بأنه هو كإنسان، تكوَّن في بطن أمه من أبيه، بأمر إله عظيم حكيم قادر مقتدر، وهو الله تعالى جلَّ جلاله. كذلك فهمه لهذا الكون أن له خالق خلقه بسماواته وأراضيه وبحاره وأنهاره وجباله وسهوله، وأن انتقاله من مرحلة عمرية إلى مرحلة أخرى، يتم بتدبير الخالق جلَّ جلاله، وأنه هو مصرف هذا الكون ومدبره، وأنه يجب أن لا يأتي بفعل وبتصرف جنوني يخرجه من العقل والدين والمنطق والفهم والمعاملة الحسنة.

أيُّها القاريء العزيز.. ندرك أنه لا يُمكن أن تكون هناك في هذا الكون بيئة فاضلة متفردة بصلاح جميع أهلها ونظافتهم النفسية والأخلاقية، إلا أنه والحال كذلك، يمكن مع تمسكنا بديننا وبعباداتنا وبما يريده منِّا ربنا تبارك وتعالى، أن يتحقق لنا جيل واعٍ وأفراد مجتمع صالحين ومُصلحين.

ولا ريب أنَّ المجتمع العماني بين فينة وأخرى  يشتاق إلى أن يتحقق عليه نسب صلاح وتقوى عالية تتمثل في أهله وأبنائه، وأنه يتوق على مدار زمنه وحاله وحالاته، إلى أن يتلقى أخبارًا تدخل السرور إليه وتبهجه، وتنقيه من شوائبه وتسعده، فهل من الممكن أن يحدث هذا.

ففي ظني المتواضع نعم يُمكن إن تحققت الأسباب، ويمكن لا إن انعدمت الأسباب، وكل منِّا مع نفسه ينظر إلى أنه ما هي الأسباب والعوامل التي تجعل مجتمعاتنا مثالية وفق ما أراده الله جل جلاله، وكيف من الممكن أن تكون عكس ذلك.

حقيقةً ما أردت الوصول إليه من خلال مقدمة هذا المقال، هو أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال منع وقوع الجريمة في أي بلد كان، ولكن يمكن التقليل منها وذلك بوعي وتدين وصلاح وتقوى عموم أفراد المجتمع، ويتأتى ذلك من خلال استمرارية بث الوعي والنصح والإرشاد عبر وسائل وبرامج شتى.

ومنها الإعلام المسموع والمقروء والمرئي الذي يجب أن يكون في مقدمة ذلك، والتشجيع من الحكومة علناً على وجود بيئات إيمانية في المساجد والبيوت، واجتهادها في دعم ذلك حتى بالأموال إن كانت الأوضاع ستستدعي ذلك.

كذلك التوعية بالقوانين والأنظمة يجب أن تصل إلى الجميع وتعلم للجميع بوسائل وطرق مختلفة، فما شاهدناه منذ أيام في تلك الحادثة الشنيعة التي وقعت في منطقة روي بمسقط وتمثلت في إقدام وافد على الانتقام من بني جنسيته، بطعنه بسكين حتى الموت في وضح النهار وأمام مرأى العامة، لهو أمر خارج عن أخلاق المجتمع وطبيعته.

فما رأيناه أمر مهول ومروع ولا يفعله عاقل أو رجل يعرف الله حق المعرفة، ولا يقدم عليه إنسان قلبه عامر بالتقوى والإيمان.

إنَّ جريمة القتل العمد التي وقعت في المنطقة المذكورة سلفًا، يجب أن نستخلص منها العبر، ودوافعها وأسبابها، يجب أن توضح للناس، ومن ثم توجيهم وإرشادهم وإفهامهم، بأن الغضب الشديد وعدم تملك الإنسان لنفسه، يجعله يرتكب مثل هذا الجرم الشنيع وغيره، وأن عقوبة ذلك الإعدام مثلاً.

إنَّ هذه الحادثة التي حدثت لدينا في عُمان وتلك التي حدثت في دولة الكويت الشقيقة، بقتل الشرطي بسكين أيضًا في وضح النهار، ينبغي تحليلهما ودراستهما واستخلاص الدروس منهما، وإعلام دوافعهما وأسبابهما للمجتمع، من خلال محاضرات أو ندوات أو أو أو.

وعقب ذلك استحداث قوانين وضوابط وأنظمة جديدة، تساهم في الحد من وقوع مثل تلك الجرائم والقضايا والحالات في مجتمعنا المسالم، سواء من الوافدين أو المقيمين أو من المواطنين وأهل البلد أنفسهم، والله يحفظ الجميع من كل سوء وشر ومكروه.

تعليق عبر الفيس بوك