الأندية.. أهميتها وأدوارها

 

خالد البسامي

كل تجربة تخوضها في هذه الحياة، تصنعك، تصقلك، تهذبك نفسيًا وفكريًا، وتعيد بوصلة العديد من الجوانب على الصعيد الذاتي والعملي، وفي هذا المقال وقفات من تجربتي في مجلس إدارة نادي الرستاق الرياضي الثقافي كنائب رئيس للفترة الحالية.

مما لا يخفى على أحد أنَّ النادي يُعتبر أحد أهم أركان العمل الاجتماعي في أي ولاية، فهو الحاضنة الأهم للشباب لمُمارسة أنشطتهم المختلفة، وفرصة ليكون أداة مساندة لتحقيق رؤية عُمان 2040 في صقل وبناء الإنسان العماني اجتماعياً وثقافياً ورياضياً، ولذلك فإنَّ تعزيز ودعم مكوناته يقع على عاتق ومسؤولية الجميع، بدءًا من الجمعيات العمومية التي من واجبها المقدس اختيار مجالس إدارات ذوي كفاءة وفاعلية، يحملون هم النادي بكل إخلاص وأمانة، بعيدًا عن الأضواء المتكلفة على حساب العمل ونتائجه في الواقع.

مرورًا بمسؤولية المجتمع الذي يُعتبر الحلقة الأقوى في تماسك ومتانة النادي، فالقاعدة الجماهيرية على المستوى الثقافي أو الرياضي أو الشبابي هي صمام أمان في استمرار واستدامة الأنشطة، وإطلاق المُبادرات والمشاريع وتبنيها.

ووصولاً إلى المؤسسات العامة والخاصة في تبني شراكات فاعلة مع الأندية لدعم وتطوير أنشطتها وبرامجها.

ولتحقيق تلك الممكنات يعتمد وبشكل مباشر على قوة وصلابة وفكر مجالس إدارات الأندية من خلال الآتي:

- تغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية

- الرغبة والدافعية والإخلاص

- وضوح آلية العمل

- الاتفاق على أهداف استراتيجية واضحة ومُحددة

- المكون الإنساني بين أعضاء مجلس الإدارة

- العمل كفريق واحد

- الشفافية والوضوح ومبدأ المشاركة

- احترام وتقدير وجهات النَّظر .

والنادي دون المجتمع المحيط به لايستطيع أن يتقدم خطوة واحدة، لذلك فإنَّ أحد أبرز الطرق في جذب المجتمع وبناء ولاءات وانتماءات مدروسة اتجاه النادي هي الشراكة المجتمعية، من خلال إشراك الناس في التوجهات العامة، والتماس رأيهم بطريقة أو بأخرى، وهذا ما قمنا به في نادي الرستاق أثناء وضع خطته الاستراتيجية، من خلال نشر استبيان لمعرفة تطلعات المجتمع حول خدمات وأنشطة النادي بمختلف المجالات تبعها جلسات عصف ذهني.

فكانوا جزءًا لا يتجزأ من منظومة العمل، والذي بدوره انعكس في تنفيذ هذه الاستراتيجية، التي سنستعرض مؤشرات إنجازها خلال الفترة الماضية في اجتماع الجمعية العمومية القادم.

إنَّ العمل التطوعي يحتاج إلى صبرٍ وبالٍ طويل، فستجد أحياناً من يختلف معك بشكل فظ، ومن لا يرضيه الحال مهما بذلت، وهذا أمر طبيعي لأنك تتعامل مع مُجتمع متعدد الأطياف، فكان لزاماً التعامل باتزان ودبلوماسية ونفس طويل لتحقيق الغايات.

والعمل في النادي كأيِّ عمل تطوعي، يصقل الشخصية، ويقوي الذات، ويجعلك أكثر قدرة على التعامل مع المحيطين بك، وأكثر جرأة على تقبل آراء المختلفين معك، وأقدر على التصالح مع النفس في كثير من المواقف.

أما بالنسبة للجانب المالي للأندية، فيختلف في الكيفية التي تتعاطى به الأندية مع هذا الملف الحساس، بعضها لديه دخل مناسب أو تحصل على مبالغ دعم معينة، ولكن لا تحسن التصرف به في جميع الأحوال، ولاتجد الآلية المناسبة في صرفه وإنفاقه ومن ثم تتراكم عليها الديون، هذه الأندية مشكلتها الأساسية ليست في المال بقدر ما هي في إدارة المال.

فإدارة المال من أهم الخطوات التي على الأندية أن تضع معايير ونسب صرف محددة ومتفق عليها في كل نشاط، حتى تعبر بر الإنفاق بأمان.

وهناك الأندية الريعية التي تعتمد على المساعدات والهبات لتقوم بدورها، وهذا خطر يُهدد الأندية على المدى البعيد، فعدم استدامة الوفرة المالية يُعد مشكلة كبيرة على إدارات الأندية الواعية أن تُعيد النظر فيها والبحث عن استثمارات تعينها على أداء متطلبات مهامها وأدوارها.

فتجميد بعض الأنشطة غير الأساسية في الأندية لفترة من الزمن بغرض تعظيم الاستثمار وزيادة الدخل هو أحد الخيارات المتاحة، فصبر سنتين أو ثلاث أفضل من انتظار الدعم من مصادر تمويل خارجية قد لا تُحقق الاستدامة.

يقع على عاتق وزارة الثقافة والرياضة والشباب الدور الحيوي في دعم وتسهيل إجراءات استثمار الأندية، حتى تخفف عليها عبء التمويل في المُستقبل.

إلى إدارات الأندية:

كلما كان العمل بتجرد والإيمان بالأهداف ورصانتها والتنفيذ الأمين لها واضحاً؛ كلما كانت النتائج عظيمة على أرض الواقع

"فما تؤمن به ستراه".

تعليق عبر الفيس بوك