فن التعامل مع الشعوب

 

سالم بن حليس البادي

ما بين قرن مضى وقرن حاضر اختلفت مسيرة الحياة..فأصبحنا نعيش عالمًا رقميًا بحتًا.. فالتقنيات المتطورة بكافة مجالاتها الصناعية والاقتصادية والتجارية والعلمية لعبت دورًا فعالًا في التغيرات، وفي فحوى المفاهيم البشرية وعلاقات الدولة، فالعالم الرقمي المتطور المتسارع جعل الفرد أكثر تقدمًا ثقافيًا وتقنيًا وعلميًا وأكثر قربًا في تواصله.

تقربت الأحداث بلمسة واحده فأصبح كل بعيد قريب بكل فحواه.. فأصبح العالم الافتراضي المعلوماتي المهيمن والمسيطر في جميع مجالات الحياة اليومية للشعوب. عالم رقمي أخذ بحكومات الدول إلى المنافسة الحادة على حلبة التطور بما يتناسب ومتطلبات شعوبها. ارتفعت العقول البشرية في إدراكها، وساهمت في صنع الحاضر، والتخطيط لمستقبل أكثر فعالية لتترجم إلى واقع صريح..

ولا بُد للحكومات أن تكون الحكمة ملاذها في فن التعامل مع شعوبها حاملة الدعم المعنوي والمادي لترتقي بشعوبها، وإلا فإن التردي والتراجع سيشكل كارثة على أرضها بما تحمله من فساد وخراب وفوضى عارمة.. فأنظر إلى تلك الدول في أمريكا الجنوبية أو حتى في بعض الدول الأفريقيه، ولما البُعد ونحن نرى الكارثة في أقرب الدول إلينا العراق فسوريا فلبنان.

إن التعامل مع الشعوب ليس بالأمر السهل بتاتا؛ بل هو ما أطلق عليه فن إذ لا يتقنه الكثير من البشر أو الحكومات أو المؤسسات، فهو يحتاج إلى خبرات حتى يكون قادرًا على التكييف مع طبائع الآخرين.

ومن فنون التعامل مع الشعوب، إظهار الاهتمام بهم وأن تجعلهم يشعرون بذلك الاهتمام فعامل الناس بما تحب أن يعاملوك. وأيضًا يجب أن يتم فتح باب الحوار، ومناقشة القضايا بالإيجابية والاعتماد عن نقاط الاختلاف، وأن تتقبل النقد البناء وتعالج النقاط السلبية إن وجدت.

إن مواكبة الدول المتطورة خطوة لا بد منها؛ لنحضى بتقدم علمي تقني معرفي للشعوب، ومسايرة التغيرات المتتابعة باستمرار؛ ذلك ما يحمله التطور من جانب إيجابي، ولكن لا ننسى ما يقابلة من جانب سلبي في التطور والتوغل نحو وسائل الحرية والفساد.

لذلك الموائمة بين مخرجات التعليم والتدريب والتأهيل للشباب، واحتياجات سوق العمل أصبح ضروره بل إلزاما.

والموائمة استراتيجية متكاملة لا بد أن تحمل الشأن الداخلي والخارجي؛ ليتم التطور والتقدم ضمن هذا العالم الرقمي.. ويتعين على الحكومات أن تكون يد بيد مع شعوبها حتى لو اختلفت الآراء، فذلك يبعد شبح السلبية بكل ما يحملة من مفاهيم التهديد والإساءة والتجريح..فالتضامن والمشاركة تؤدي إلى الرقي والعلو والنجاح للمنظومة بأكملها. .فالإداره المنظمة، وركيزة التعامل الإيجابي يلعبان دورًا فعالًا في الاستقرار والأمن.

النواة إن صلحت صلح محيطها، والحكومة والشعب كالجسد الواحد، إذا أخل عضو بواجبه تأثر سائر الجسد؛ فنجاح الفرد أو فشله في إدارة شؤونه في محيطه الصغير يعكس نفسه على محيطه الكبير.

ولا بد للصحيح أن يصح بين السطور، فالتكافل والتعاضد والترابط بين الأفراد والمؤسسات كفيل في الحفاظ على نسيج مجتمعي قوي يصنع الوحدة واللحمة الوطنية المتينة، والحكومات القادرة على احتواء شعوبها تصنع المجد لدولة قوية لا يزعزعها أي تأثير خارجي.

تعليق عبر الفيس بوك