قراءتي للمشهد العام

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

لو كانت الأمور تُؤخذ بالأماني- وعن تعمق كبير في قراءة المشهد العام للأحداث- لتمنيت أنَّ كل من يملك وله المعرفة ويستطيع أن يُدلي بما لديه من إيجابية الحرف والكلمة وجعلها تطفو على سطح هذه الأيام التي تشربت بالكثير من عواتي الرياح التي خلفتها الطبيعة وأخرى هي من صنع الإنسان، كي نخفف على أنفسنا من وطأة المرحلة.

فكم نحنُ اليوم في أمسِّ الحاجة إلى الدعم بالأمل المرتبط بالحقائق والحلول وكذلك مُحاكاة الأحداث بالتحرك والعمل لنفض الغبار وعوالق المرحلة التي لم يتحدد مداها بعد، ولذلك وبرؤيتي المتواضعة إننا- وبشراكة مجتمعية كاملة وفي واحدة من الأسباب الرئيسية التي تجعل من الأحداث مؤثرة للغاية- ما زلنا في مرحلة الدفاع للرد على الأحداث، بدليل أنَّ هناك كمًّا هائلاً من الحديث والنقد والملاحظات ومن مختلف الجهات والمشارب، والذي يكاد أنه من الجميع والذي يكاد أيضاً أنه سحابة غطَّت على كل شيء، وكونت صورة، يتعين علينا ألا نستهين بها؛ وذلك لسببٍ بسيط وهو أنَّ الحلول تتأخر والرؤية المستقبلية من خلال الدراسات المتعمقة لا وجود لها؛ لذلك نعيش المفاجآت والتي كان يُمكننا التنبؤ بها؛ بل إننا نكاد نعرفها غير أننا نتعامل معها بأعينٍ مغلقة على أمل ألا تقع؛ لذلك فُتح الباب لحديث العامة ولو أنَّ المعنيين بالأمر تقدموا كل ذلك ولو بخطوةٍ واحدةٍ فقد تكون تلك الخطوة رداً شافياً بل وحلاً للكثير الكثير.

أعتقد أن أغلبية من أصحاب القرار في عالم اليوم لم يستوعبوا الكثير من الاختلافات الجوهرية في كل شيء، وخاصة ثورة الاتصالات والتواصل؛ بل ولم يسمحوا لأنفسهم بالاستفادة من تجارب ودروس الزمن القديم والحديث، أو أن اعتقادهم بتغيير مجرى الأحداث على المجتمع في صورته العامة مُمكناً بالتمني والأحلام تمامًا؛ كالذي يريد أن يوقف تدفق وادٍ عميقٍ بمياهه الجارفة وهو في وسطه وإنه لمن المؤكد أنه لن يستطيع ذلك وسيخسر الرهان إذا اتخذ من صده حلاً وما عليه إلا القبول والاستعداد والعمل على ذلك وليس بوقف مجرى الأحداث.

بباسطة كبيرة، أريدُ أن أوضح ما أرمي إليه؛ فلو أنَّ المجتمع يتداول وبقوة كبيرة وفي مختلف وسائل التواصل الاجتماعي خبراً مفاده تصرف سلبي من أحد المسؤولين، فإنَّ الحل الأول والأهم هو أن يعلم هذا المسؤول أن زمن المستور والخفاء بات من الماضي، وأنه على الجميع أن يعمل بكل جدٍ واجتهاد، وأن يبتعد عن أي شبهة. أما الأمر الآخر هو أن يكون هناك رد واضح ومُقنع وقوي من جهة مختصة، لتكن الناطق الرسمي مثل أي دولة؛ لأنَّ قوة الحكومة والدول لا يمكن أن يسمح لها الزمن بالقوة والصمود في حال كثر الحديث السيئ، دون رد وتوضيح وفرض القانون وبقوة، وعلى الجميع دون أي استثناء، وضع تحديد ومساحة معقولة من النقد والحديث عن الدولة وما دون ذلك، فليس من الصالح العام جعل دولة بعينها حديثاً سهلاً لكل من أراد التشفي والضرر تحت مظلة السماح والعفو دون مُبرر ومن مختلف الفئات غير المدركة لتأثير النقد والسلبية على الأوطان، وما يمكن أن تغرس في البناء الفكري للأجيال، وما يمكن أن يصل إليه الناس في نظرتهم لوطنهم على المدى المتوسط والبعيد.