شروطٌ لعلاوة الباحث عن عمل

خلفان الطوقي

مُطالبات شهر مايو 2021 التي حدثت في بعض مُحافظات السلطنة، تستوجب وقفة جادة من قبل الحكومة؛ لإعادة النَّظر وتقييم الأداء بدءًا من شهر أغسطس 2020 الذي شهد صدور المراسيم السُلطانية باعتماد هيكلة العمل والتشكيل الجديد لمجلس الوزراء؛ وذلك تجنبًا لتكرار المشاهد الأخيرة التي حدثت في بعض ولايات السلطنة، وتحديد أولويات واستراتيجات المرحلة المقبلة، وتسمية البرامج والمبادرات التي تُلامس فئات ومكونات المجتمع المختلفة، وأهمها فئة الشباب، وخاصة الباحثين عن عمل.
المبادرة التي أطرحها في هذه المقالة ليست بالجديدة في السلطنة أو خارجها، ففي عُمان أجزم أنَّه تمَّ اقتراحها في مجلس عُمان بغرفتيه ومنذ سنوات، وربما سبقتنا كثير من الدول في تطبيقها، ومنها بعض الدول الخليجية. المبادرة هي عبارة عن إقرار علاوة الباحث عن عمل، أو كما تسمى علاوة "التعطل عن عمل"، هذه العلاوة أصبحت مُلحة وعاجلة مهما كانت ظروفنا الاقتصادية، لكن قبل أن أتحدثُ عن المنافع المتحققة من وراء تطبيق هذه العلاوة، أودُ الإشارة إلى أنَّ بعض السلبيات شهدتها عملية تطبيق هذه العلاوة في أعوام سابقة، عندما كانت الحكومة تصرفها لمن يقولون عن أنفسهم إنهم "باحثون عن عمل"، منها أننا وجدنا أن عجائز كانوا يتحصلون عليها، بمجرد التسجيل في النظام، أو أن البعض لم يكن يوافق على التسجيل في سجل القوى العاملة (سابقًا) عندما يحصل على وظيفة في القطاع الخاص، على أمل الظفر بوظيفة حكومية، ومنها يحصل على راتب القطاع الخاص إضافة على المنحة الشهرية للباحث عن عمل وكانت تقريباً في حدود 150 ريالاً. الآن آن الأوان أن تعود هذه المنحة وفق شروط عدة تقطع الطريق على أي تجاوزات حصلت من قبل، أول هذه الشروط ألا يكون المستحِق حاصلًا على أيِّ دعم أو علاوة أخرى من أيِّ مؤسسة، سواء حكومية أو خاصة.
لقد حان الوقت لإخراج هذا الملف من الأدراج، وإقرار آلية الصرف وشروطه، ومبلغ العلاوة، وغيرها من التفاصيل، هذه العلاوة سوف تُحقق عدداً من الأهداف، وتُلامس أبعاداً عميقة منها:
البعد الاجتماعي: فمع التطورات الأخيرة التي أدت إلى ازدياد شريحة عدد المتقاعدين والباحثين عن عمل أو مسرحين، إضافة إلى تدني الدخل بشكل أو بآخر وارتفاع نسبي في كلفة المعيشة، كل هذه الأوضاع الجديدة تحتاج إلى معالجة فورية، فمثل هذه العلاوة سوف تُساعد نسبيًا في سد أي نقص قد طرأ على العائلات متوسطة الدخل وسوف تعمل على استقرارها.
البعد الاقتصادي: كما هو متعارف إن هذه العلاوة ليست عالية، إلا أنها تدعم السيولة النقدية وبقاءها محليًا والتي بدورها تُسهم في ديناميكية الأنشطة التجارية ودوران رأس المال.
البعد الأمني: مُعظم من خرجوا وتجمهروا هم من الباحثين عن عمل، فإقرار علاوة التعطل عن عمل سيقي السلطنة من أي إنهاك أو كُلفة إضافية سوف تُصرف لإغراض أمنية، والتي كُلفتها المالية عالية، وكُلفة الأمان مُكلفة جدًا، وسوف تُؤثر سلبًا على الأجواء الاستثمارية وسمعة السلطنة عالميًا. 
الخُلاصة.. إن كُلفة هذه العلاوة وإن بدأت عالية ومرتفعة لكنها في الحقيقة سوف تُحقق أبعادا اجتماعية واقتصادية وأمنية، وتعمل على استقرار البلاد وتوفير مناخات إيجابية في المجتمع في كل الأمكنة والأزمنة.