تفاقم الوضع الصحي في غزة بضغط من مصابي الحرب وحالات "كورونا"

ترجمة- رجاء اللواتية

أبرزت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الوضع الصحي المتفاقم في قطاع غزة، بعد 11 يوما من القصف الإسرائيلي، ما أدى إلى تراكم أعداد من مصابي الحرب جنبا إلى جنب مع المصابين بفيروس كورونا.

وقالت الصحيفة إن سكان غزة ووكالات الإغاثة الدولية يسابقون الزمن لمواجهة هذه الأزمة الصحية. واحتشد عشرات الآلاف من سكان غزة في ملاجئ تحت الأرض والمراكز المجتمعية وأماكن أخرى في جميع أنحاء القطاع؛ لتجنب الضربات الجوية الإسرائيلية مما خلق فرصًا لانتشار فيروس كورونا. وفي الوقت نفسه، أسفرت الهجمات عن إصابة أكثر من 1900 شخص في أنحاء غزة قبل بدء سريان وقف إطلاق النار. واستشهد ما لا يقل عن 248 شخصًا في غزة، وقُتل 12 إسرائيليا خلال التصعيد العسكري بين غزة وإسرائيل.

وقال عبد اللطيف الحاج مدير التعاون الدولي في وزارة الصحة بغزة "لقد أصبح عبئًا مزدوجًا خلال هذه الأيام.. نحن نواجه العديد من حالات كوفيد-19 والإصابات الجماعية الناجمة عن الحرب في نفس الوقت".

ووقف الطبيب عبد اللطيف الحاج في فناء مليء بالحطام أمام ما كان في السابق مرفقًا للرعاية الصحية الأولية والمختبر الوحيد في غزة الذي يجري فحص تفاعل البوليميراز المتسلسل "بي سي آر" لفيروس كورونا. أما الآن فقد تحطمت نوافذه، وباتت أرضياته مغطاة بالركام الخرساني من مبنى إداري في الجهة المقابلة من الشارع كان قد استهدفه الطيران الحربي الإسرائيلي. وقال الحاج إن أحد زملائه، وهو طبيب كان يجري جلسة التطبيب عن بعد عندما وقع الهجوم، أصيب بجروح خطيرة في الرأس في الانفجار. وأضاف: "يبدو الأمر كما لو أنهم أخذوا سطح ذلك المبنى ووضعوه في عيادتنا".

وقالت منظمات إغاثية إنها كانت تنقل الإمدادات الطبية إلى غزة بأسرع ما يمكن، لكن أي شحنات إلى غزة تحتاج إلى موافقة من إسرائيل التي تسيطر بشدة على المعابر الحدودية مع القطاع. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها سترسل أجهزة تنفس صناعي وأجهزة لمراقبة المرضى وأجهزة لتنظيم ضربات القلب وأجهزة الشفط وغيرها من المعدات.

وقالت لين هاستينجز منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية إن منظمات الإغاثة تعطي الأولوية للمعدات والإمدادات الطبية، إضافة إلى مجموعات النظافة لمساعدة السكان على التعامل مع البنية التحتية المدنية المنهارة.

وذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الأضرار التي نجمت عن التصعيد العسكري أدت إلى قطع إمدادات المياه في غزة بنسبة 40%، كما تضرر حوالي 700 ألف من سكان غزة من انقطاع التيار الكهربائي.

وأضافت هاستينجز، في حديثها إلى الصحفيين بعد مشاهدتها لمختبر فحص كورونا المُدمر- إن برنامج كوفاكس الدولي- الذي تشرف عليه منظمة الصحة العالمية ومؤسسات أخرى- يخطط لتسليم شحنة من جرعات لقاح فيروس كورونا إلى غزة في غضون أيام.

وحتى الآن، تم تطعيم أقل من 40000 من سكان غزة؛ أي ما يمثل أقل بقليل من 2% من السكان.

وكان النظام الصحي في غزة قد وصل إلى نقطة الانهيار قبل التصعيد العسكري، لعدة أسباب؛ منهأ: انخفاض عدد الأطباء، وسنوات من نقص التمويل، والحصار الإسرائيلي الذي زاد من صعوبة الحصول على الإمدادات والمعدات الطبية.

وكاد الوباء يغرق المستشفيات تقريبًا، التي تضم 60 سريرًا فقط في وحدة العناية المركزة بالقطاع الذي يقطنه مليوني شخص.

وساعدت المنظمات الإغاثية، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، على توسيع قدرتها بأجهزة تهوية وفحوصات جديدة.

وتشير تقديرات، إلى أن 70000 من سكان غزة لجأوا إلى المدارس والمواقع الأخرى أثناء القصف الإسرائيلي، ولا يزال بعضها يؤوي أشخاصًا تضررت منازلهم أو دُمرت.

وقال شادي عوض رئيس قسم الرعاية التنفسية في مستشفى الشفاء، وهو مركز الرعاية الصحية الأولية في غزة "توقف الناس عن التباعد (الاجتماعي) فلم يكن لديهم خيار".

وكان عوض يراقب بقلق الأعداد الهائلة من سكان غزة الذين يعانون من أعراض فيروس كورونا وقدموا للعلاج الآن بعد أن تمكنوا من مغادرة منازلهم بأمان.

وتحدث الطبيب عوض في فناء مجمع المستشفى المترامي الأطراف، وكانت مخلفات الفوضى مبعثرة في كل مكان مثل: القمامة غير مجمعة وأكياس وريدية فارغة وأنابيب وحُقن فارغة.

وفي وقت مبكر من القصف، أجلى المستشفى مرضى كوفيد-19 من الحالات الحرجة إلى مراكز علاج أخرى لتوفير مساحة، أما الآن، فقد امتلأت الأجنحة المخصصة لمرضى كورونا مرة أخرى، ويتعين على المستشفى نقل المعدات من قسم إلى آخر لتلبية الحاجة.

وقال عوض: "ذات مرة اضطررت إلى استعارة جهاز تنفس من وحدة العناية المركزة (غير المخصصة لكورونا) لرجل في حالة حرجة".

ولم تؤد الضربات إلى زيادة الطلب على الخدمات الطبية فحسب؛ بل دمرت أيضًا القدرات الطبية المهمة، ومنها فقدان معمل فحوصات كورونا، ما يعني أن الحالات التي لا تظهر عليها أعراض لن يتم اكتشافها، حتى الأطباء لديهم تخوف من انتشار الفيروس بوتيرة متسارعة.

وتسبب انفجار آخر في وفاة أيمن أبو العوف رئيس قسم الأمراض الباطنية في مستشفى الشفاء على بعد مبنيين من المكان الذي دُمر فيه المختبر. واستُشهد أبو العوف مع 12 من أفراد أسرته عندما انهار مبنى شقتهم المكون من 4 طوابق خلال غارة على شارع الوحدة. وقال الجيش الإسرائيلي إنه كان يستهدف أنفاق حماس في المنطقة وقال إنه سيتم التحقيق ما الذي أدى إلى سقوط 42 قتيلا مدنيا بطريقة "غير مقصودة".

ووصف عوض الطبيب أيمن بأنه "أخصائي لا يقدر بثمن، كان لا يزال يستقبل ما يصل إلى 90 مريضًا يوميًا". وأضاف عوض: "اتصلت به قبل ساعة فقط من (الانفجار) للحديث عن حالة مريض.. لقد كان محظوظًا لأنه لم يمت بكورونا، ومات في غارة جوية".

تعليق عبر الفيس بوك