مشاعر تشاور

 

تقوى محمد الجراح

ماذا لو كانت المشاعر شيئاً ملموساً؟ ماذا لو كنت تستطيع اختيار شعورك من خزانة كبيرة مليئة بالمشاعر؟ هل ستختار مشاعر الفرح دائماً؟ أم ستتخلص من شعور الغضب الملازم لك؟

ربما يختار أحدنا إرجاع مشاعر الحزن، الخوف، اليأس وخيبة الأمل للرف الأسفل من الخزانة، قد يأخذها البعض ويدفنها في حفرة كبيرة بل ويحرقها! يختلف التَّعامل معها باختلاف سوء الذكرى وحجم الألم، بالرغم من أننا نتعلم الكثير من حزن الماضي وألم خيبات الأمل، إلا أن الفضول يدفعنا للسؤال كيف سنكون لو استطعنا التخلص من هذه المشاعر.

أما مشاعر الفرح فتؤخذ من أعلى الرف بحماس، يصبح الإنسان في حالة بهجة دائمة، رضا، سلام، شغف، حب يغشى هذه الأرض التي باتت تفتقر إليه -إلا من رحم ربي- وفراشات تتطاير بسرور، كما هي أفلام ديزني (وعاشوا في سعادة وسلام.. النهاية)، أيعقل وجود حياة كهذه؟ وكيف ستكون؟

كل هذه التخيلات نستطيع جعلها حقيقة بنسبة تختلف من شخص لآخر، ذلك عن طريق اختيار مشاعر السعادة من خزانتنا! نعم حالتنا الدائمة من مزاجية أو فكاهة كلها اختياراتنا، أوضح أنَّ المقصود هنا ليس ردات الفعل الطبيعة على بعض المواقف كالوفاةِ، المرض وغيرها..، إنما نظرتنا الأساسية لِبُنْيَة الحياة، الرضا بما أعطاه لنا ربنا.

خلق الله لنا كمًّا من المشاعر المختلفة والمتضادة، كل ما فطرنا الله عليه، أوجد فيه حكمة يعلمها جلَّ جلاله، كما يقول عمر بن الخطاب: "لو عرضت الأقدار على الإنسان لاختار القدر الذي اختاره الله له"، وهذا واقع؛ فسبحانه ما أوجد لنا الحزن إلا لمعرفة معنى الفرح حرفيًا، وما يبتلي إلا لنتقرب منه ونبتغي مرضاته، وهكذا في سائر أمور حياتنا، فكلنا نسقط وننكسر لكن الفريد هو الذي يلملم نفسه ويُعيدها سيرتها الأولى بل وأفضل.

تعليق عبر الفيس بوك