"ذي إندبندنت": أمريكا تجر "ذيول الخزي" مع انسحابها من أفغانستان

ترجمة- عزة بنت عبدالعزيز الهنائية

وجهت صحيفة ذي إندبندنت البريطانية انتقادات لاذعة للانسحاب الأمريكي من أفغانستان، ووصفته بأنه "لحظة خزي"، بعد مرور 20 عامًا على الغزو الأمريكي لهذه الدولة الواقعة في وسط آسيا.

وفي افتتاحيتها، قالت الصحيفة البريطانية إن الولايات المتحدة وحلفائها بدأوا في الانسحاب أخيرًا من أفغانستان، مخلفين ورائهم "مهمة غير مكتملة"، على حد وصف الصحيفة.

وأضافت أن الغزو الأجنبي لأفغانستان لم يكن غالبًا يستهدف "بناء الأمة"؛ إنما سعى في المقام الأول لمعاقبة حركة طالبان والقضاء عليها في أعاقب هجمات 11 سبتمبر التي استهدفت الولايات المتحدة قبل نحو عقدين من الزمان. غير أن مآلات هذه الحرب أسفرت عن ترك البلد في حالة أسوأ مما كانت عليه في عام 2001، فضلا عن استعداد حركة طالبان للعودة مجددا للحكم.

ووصفت الصحيفة هذا الانسحاب بأنه "لحظة انحطاط تام"، مشيرة إلى أن ثمة تكهنات رجحت خسارة الولايات المتحدة للحرب في أفغانستان، علاوة على ما كبدته الاقتصاد الأمريكي من خسائر فادحة؛ حيث بلغت تكلفتها 1 تريليون دولار، والرقم مرشح للزيادة، فضلا عن الخسائر في الأرواح، وطول أمد الحرب عما كان يُعتقد.

وبحسب الصحيفة، فإنه بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، تكون واشنطن قد تخلت عن محاولتها تأمين هذا البلد، ولا يبدو من الواضح مدى اكتمال تلك المحاولة من الأساس.

وقالت الصحيفة: "ربما كان أراد البريطانيون وغيرهم البقاء هناك في محاولة يائسة لتحويل الجيش الأفغاني إلى قوة مقاتلة؛ إذ لولا الولايات المتحدة لتجلت عدمية الغزو".

وصرح الجنرال أوستن ميلر قائد قوات التحالف في أفغانستان أنه غالبًا ما يسأل عن قوات الأمن المحلية، وما إذا كان بإمكانها العمل بفعّالية في غياب الدعم الأمريكي، وقال "رسالتي كانت دائما كما هي: يجب أن يكونوا على استعداد وتأهب دائمين".

وتُبرز الصحيفة مدى القلق والتوتر الكبيرين بين السكان المدنيين إزاء ما سيجلبه هذا الواقع الجديد؛ حيث تمارس "طالبان" بالفعل إرادتها، وتنفذ هجمات انتقامية مُنظَّمة أودت بحياة العشرات، ممن تعتبرهم "متعاونين" مع الولايات المتحدة. وإذا كانت تجربة الماضي القاسية خير دليل على ذلك، فإن شرائح عدة من المجتمع الأفغاني ستسقط ضحية لهذا الانسحاب، فمثلًا ستتعرض المرأة مجددًا لخسارة حقوقها، فضلا عن قمعها.

وتساءلت الصحيفة في افتتاحياتها عمّا إذا كان هذا الانسحاب حتميًا ولا مفر منه، أم لا؟ مضيفة أن الولايات المتحدة "تجاوزت حدودها بتصرف استعماري تقليدي، عندما فتحت جبهة أخرى في العراق وقتذاك، فلو كان التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أكثر مهارة في جمع المعلومات الاستخباراتية والتكيف مع تكتيكات حركة طالبان، لحقق الغزو المزيد من النجاح بدرجة أو أخرى، ولتعرضت كلٌ من المملكة العربية السعودية وباكستان لضغوط لبذل المزيد من الجهد لتقديم المعلومات الاستخباراتية.

وترجح الصحيفة أنه كان من الأفضل للتحالف أن ينفذ "عملية عسكرية خاطفة"، بدلًا من الغزو بأساليب قديمة عن طريق الحروب البرية في أراض يستحيل شن معارك فيها. لكن عوضًا من ذلك، واصلت القوات بقيادة الولايات المتحدة ارتكاب الأخطاء الفادحة، وتكرار المآسي التي تعرض لها الروس والبريطانيون في محاولات سابقة لإجبار أفغانستان على الخضوع والإذعان.

وعارضت الصحيفة الحجج القائلة إن الفشل الذريع وإزهاق الأرواح، من الأسباب التي دفعت أمريكا للانسحاب من أفغانستان، حتى لو أشارت التقديرات إلى أن أكثر من 100 ألف مدني أفغاني لقوا حتفهم في هذه الحرب.

وتختتم الصحيفة افتتاحيتها، بالتحذير من أنه في أعقاب الانسحاب الأمريكي، ستحظى حركة طالبان بفرصة لتدمير البلد، وسيتعرض المزيد من الأرواح البريئة لخطر الموت؛ إذ استطاعت طالبان أن تنصهر داخل المجتمعات الريفية، لكنها أبدًا لم تتخل عن معركتها، مترقبةً نفاد صبر الغرب، ومن ثم مغادره أفغانستان.

تعليق عبر الفيس بوك