نظام الهيكل التنظيمي والقرار الرشيد

 

عيسى الغساني

يسعى كل كيان إداري أو اقتصادي أو علمي إلى أن تكون كل قراراته رشيدة وصحيحة وعادلة تحقق الهدف المطلوب وتحقق الأهداف والغايات المأمولة. ويبنى القرار الرشيد على منظومة عمل تكون هيكلا تنظيميا وعنصرا بشريا ونظاما يحكم طريقة وأسلوب صناعة القرار. وغني عن البيان أن الهيكل التنظيمي يشكل الخطوة الأولى نحو القرار الرشيد.

فإذا شيد تركيب البناء التنظيمي على خطوات علمية استقر العمل وأنتج قرارات رشيدة، وعلى خلاف ذلك إذا كان بناء الشق التنظيمي رد فعل وعمل لحظي ودون استشراف ووعي بالثوابت العلمية و الأصول الفنية، يكون المآل الارتباك والأخطاء المتكررة. وتعد الأخطاء المتكررة والقرارات غير الصحيحة من علامات عدم فاعلية البناء التنظيمي وكذلك عنصر عدم الشفافية، والتراخي في اتخاد القرار.

تقسم العملية الإدارية إلى خمس مراحل وهي التنظيم والتخطيط والتنفيذ والرقابة والتطوير، ويعد التنظيم الذي يتعلق بالهيكل التنظيمي للكيان سواء كان إدارياً أو اقتصاديا أو بحثيا أو غير ذلك من الكيانات سواء دائمة أو مؤقتة، حجر الأساس للقيام بالوظائف المختلفة وصولا إلى تحقيق الأهداف المرسومة على المدى القصير أو طويل الأجل. وتكون الأهداف التي تحقق من أهم عناصر فعالية الهيكل التنظيمي، وأن مختلف أقسام الهيكل تعمل بانسجام وتوافق.

ويقتضي انسجام وظائف أي هيكل تنظيمي، تحقق ثلاث عناصر؛ وهي: العنصر الأول فصل الصلاحيات الداخلية، وهي التنفيذية والقانونية والرقابية، ويجب أن يكون الفصل واضحاً ومقنناً ومفهوما للجميع، ويتحقق ذلك بإصدار لائحة فصل الصلاحيات الإدارية، والعنصر الثاني هو الاستقلال الكلي للقسم القانوني، حيث يبني ويعد الرأي القانوني في كل مسألة بدون تدخل وفق منهجية قانونية، ويقدم إلى الإدارة العليا. والعنصر الثالث هو النظام الإجرائي والموضوعي لصناعة القرار، والذي ينظم تعريف المسألة وجمع المعلومات، وتحليلها ومن ثم المقارنات والتوصيات.

ويثار التساؤل: كيف يعد الهيكل التنظيمي الفاعل؟ وكيف تقاس فاعلية الهيكل التنظيمي؟ والإجابة هي: عند بناء الهيكل التنظيمي .من الضرورة كخطوة فهم واستيعاب الخطة المراد إنجازها بكل تفاصيلها والوظائف والقدرات الواجب توفرها في العنصر البشري القادر على تحقيق الأهداف . وعن فاعلية الهيكل التنظيمي، يتحتم بالضرورة وجود إطار تشريعي وهو الواجبات الوظيفية وشروط شاغلها. بحيث يكون شغل الوظائف بناءً على شروط شغل الوظيفة، ويكون التعيين من قبل جهة إدارية أو استشارية مستقلة وغير مرتبطة بالجهة طالبة التوظيف، حرصاً على الشفافية ومنعاً لتضارب المصالح.

وعلم سلوك المؤسسات وقدرتها على التطور والتعلم والتكييف، يضع القادة أمام مسؤولية إعادة البناء الهيكلي المبني على تحقيق الأهداف وعملية القرار الرشيد، ولعل من نافلة القول أن الفكر التشريعي المؤسسي، ووضع مجموعة متكاملة من القوانين واللوائح والتعليمات الحديثة والمتجددة، مثل اللوائح الناظمة للهيكل التنظيمي، وهي النظام الداخلي لإعداد ومراجعة فاعلية التنظيم الداخلي، ونظام شغل الوظائف الإدارية، نظام الترقي الوظيفي. ونظام فصل الصلاحيات، لجنة تقييم فاعلية الأداء وتحقيق الأهداف، وهذه اللوائح ومنهج تطويرها، تعد ذات أهمية وضرورة لأي مرفق أو كيان قانوني، ومن مقومات القرار الرشيد.