للجائحة أحكام

 

ناصر الشكيلي

 

رغم الظروف التي تعصف بالعالم بسبب جائحة كرونا، إلا أن الجميع يسعى للمحافظة على استمرارية التفاعل المجتمعي في معظم مناحي الحياة إن لم نقل كلها من خلال حزمة من البرامج والخطط البديلة لضمان ديمومتها.

وفيما يتعلق بجانب التعليم فمن المعلوم أنَّ وزارة التربية والتعليم طوّعت التقانة الحديثة لخدمة عمليتها التعليمية من خلال تطبيق نظام التعليم المدمج والتعليم عن بعد. ورغم الصعوبات والتحديات التي واجهت العملية في بدايتها ولازالت مستمرة في بعض جوانبها كضعف الشبكة وتقطعها، وعدم توفر الأجهزة لدى بعض الطلبة غير أن العملية التعليمية مستمرة، وتحقق أهدافها الأساسية.

وبلا شك أن استخدام التقانة الحديثة في العملية التعليمية له فوائد جمة، كاكتساب الطالب العديد من المهارات في التعامل مع الحاسب الآلي وتطبيق الكثير من البرامج والتطبيقات التي تعينه في دراسته مستقبلاً، إلا أنها في الوقت نفسه تجبر الطالب على المكوث أمام هذه الأجهزة الإلكترونية ساعات طوال منتقلاً بين الحصص المتزامنة وغير المتزامنة والواجبات القصيرة والامتحانات والمحتوى الإلكتروني والتعلم القبلي والتقويم والواجبات المنزلية اليومية وغيرها من المتطلبات التي أصبح بعض المعلمين والمعلمات خاصة يتنافسون فيما بينهم في استخدام برامج وتطبيقات إضافية في التعليم الإلكتروني حرصاً منهم على إيصال المعلومة للطالب ومراعاة للفروق الفردية بين الطلاب، وهذا فعل حسن يُشكرون عليه.

ولو أحصينا عدد الساعات التي يقضيها الطالب أمام الأجهزة الإلكترونية للتعلم فقط وليس للعب أو التصفح لوجدناها لا تقل عن ست ساعات على الأقل، وهذا مؤشر خطر جدًا على صحة الطلاب إثر تعرضهم لهذه الأجهزة الإلكترونية.

ولتقليل عدد ساعات التعلم الإلكتروني فيمكن الاستغناء هذه الفترة عن مواد المهارات الفردية كالفنون الموسيقية والتربية الرياضية والفنون التشكيلية والمهارات الحياتية التي تأخذ مساحة لا بأس بها من ساعات التعلم الإلكتروني. وفيما يخص سؤال ماذا يفعل معلمو هذه المواد لو تم الاستغناء عن موادهم، فإنَّ العملية التعليمية والجميع يعلم لا تقتصر على أداء الحصص فقط، فهناك الكثير من الأعمال المصاحبة التي يقوم بها المعلم وخاصة هذه الفترة كمتابعة حضور الطلاب، ومعرفة أسباب غيابهم والوقوف عليها والتواصل مع أولياء الأمور، والقيام بمهام اللجان الفنية والدعم التي تدعم التعلم الإلكتروني بالمدارس.

ومن جانب آخر يمكن لمعلمي مواد المهارات الفردية إعداد برامج إنماء مهني للكوادر الإدارية والتدريسية بالمدارس. وفي الختام لانقلل من أهمية مواد المهارات الفردية ودورها في العملية التعليمية وبناء شخصية الطالب وصقل مواهبه وتنميتها، لكن للجائحة أحكام.

تعليق عبر الفيس بوك