رحل العصامي في سكون رحماني

 

إبراهيم بن سعيد الحسني

@Ib_s_m_s

 

هكذا تجري نواميس الحياة بين مولود ومفقود، حياة وموت، صفحات تتبدد، وحوادث تتلبد، وأيام تتجدد.

نبأ صدح عند بزوغ النهار، خنق الأنفاس بوقعه، وفجع الوجدان برنينه، سالت معه دموع المحبين، عصام بن موسى الزدجالي رئيس قسم التصوير والتوثيق الإعلامي في بلدية مسقط سابقًا ذلك الشهم العصامي، نعم ترجَّل من مطية الدنيا إلى ذمة ربه العليا، غادر أحبته وأهله بعدما نثر فيوض الصحبة وعميق المحبة، غادر في أجواء صاخبة بهواجس كورونا (كوفيد19) لتظله العناية الربانية بطمأنينتها، وتحفه النفحات الرمضانية بجنباتها.

في رمضان الماضي فقدت بلدية مسقط خدماته وعطاءاته بعد حياة عملية كرسها في قطاع الإعلام البلدي؛ مُحْدِثًا فراغًا إبداعيًا وفنيًا قلَّ نظيره، فعلى امتداد مسيرته العملية انطلق بثقة في التقاط الصور الضوئية والمشاهد المرئية، وإجراء التسجيلات والأفلام وهندستها بصحبة رفاقه؛ حيث أبهر وأتحف وأثمر، واستنطق الأماكن والزوايا وخاطب الأزمنة وأسرى العيون البرايا، وثق جل المشاريع والأنشطة والفعاليات بعدساته طيلة سنوات خدمته التي تربو عن الـ30 عامًا، فكنا معًا على مدى 12 عامًا الأخيرة فريقًا واحدًا متجانسًا في المهام الفنية التنفيذية والإدارية التنظيمية.

استطاع تكوين إرثٍ واعد من الصور والمقاطع والإنتاجات الإعلامية المنتقاة، وأثرى الجمال المسقطي في شتى الوسائل الإعلامية بمستودع من التغذية البصرية الباهرة، التي تجسد مختلف تفاصيل العمل البلدي والخدمي بمحافظة مسقط، وكوّن علاقات متينة مع الجهات الإعلامية والمؤسسات الفنية والإنتاجية على الصعيدين الداخلي والخارجي؛ خدمةً وولاءً للعمل، حتى بعد تقاعده ظل متواصلاً متعاونًا كريمًا بإنتاجه وإبداعاته.

وأخذ من دلالة اسمه منهجًا في حياته؛ فكان عِصاميًا في تعليم ذاته أحدث فنون التصوير، وأساليب الإنتاج، والاهتمام بتطوير مهاراته، والتنقيب عن الجديد والمفيد لمصلحة الارتقاء بالعمل وصقل شخصيته، ويعتني بجودة ما ينتجه، ويتوق للمنافسة في المسابقات والمعارض، ويعرض أجود ما يقتنع به، وتوّج بعدة جوائز منها جائزة أفضل فيلم بعنوان "الغروب في مسقط" ونظم عدة معارض للتصوير على المستوى الشخصي والمؤسسي، واستعانت بخبراته ومهاراته المؤسسات الإعلامية الرسمية وغيرها، فهو من نال شرف اعتلاء منبر جامع السلطان قابوس الأكبر بكاميرته؛ لنقل مراسم صلاة الجنازة على- المغفور له بإذن الله تعالى- جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراهما. واتسمت شخصيته المتوقدة بالإصرار والمثابرة العملية، والفكاهة والأنس والبساطة مع مختلف زملائه في العمل، واتخذ قاعدة بأنَّ الأعمال هي الناطق الذي يتكلم عنك، والذكرى التي تخلد محاسنك.

وكأن رمضان ينتظر لقاء أحبته، ليغدق عليهم من أسرار رحماته، فاختاره الله بجواره في هذا الشهر المبارك؛ لتبقى سيرته وإبداعاته عطرة خالدة في قلوب أهله وأحبته وأصحابه.

رحمك الله يا عصام وفتح لك باب الريان، وأسكنك فسيح الجنان، وألهم أهلك وأطفالك وجميع من فقدك الصبر والسلوان.

تعليق عبر الفيس بوك