دائرة الفقر الملعونة

 

وليد بن سيف الزيدي

wssdy82@gmail.com

الفقر وضع طبيعي في الحياة الدنيا، حاله حال الغنى والحق والباطل والخير والشر والحُب والكره والأمن والخوف، ودائرة الفقر الملعونة يمكن أن تختصر في المعادلة الآتية "أنَّ الفقر يقود إلى الجوع، وأنَّ الجوع يقود إلى المرض، وأنَّ المرض يقود إلى الجهل، وأنَّ الجهل يقود إلى الفقر" وهكذا..

وبمعنى آخر أنَّ الفقر يجعل من الفرد غير قادر على توفير قوت يومه، مما سيترتب عليه الوقوع في الأمراض والأسقام الناتجة عن انعدام التغذية الجيدة أو ضعفها. ومن ثم هذه الأمراض ستشغل هذا الفرد عن الاهتمام بالعديد من الجوانب الأساسية في حياته وعلى رأسها التعليم وتطوير قدراته المعرفية والمهارية وبما لا يتفق مع التغيرات العالمية المتسارعة، مما سيترتب عليه الوقوع في الجهل الذي بدوره سيعيده إلى دائرة الفقر؛ نتيجة ما مرَّ به من مراحل سابقة ضمن هذه الدائرة الملعونة.

وهنا دارت تساؤلات عدة في ذهني حول تلك النظرية وهي كالآتي:

هل هذه النظرية دقيقة؟ وما درجة دقتها؟ وهل يمكن تعميمها أم هي خاصة بأفراد أو مجتمعات أو دول تختلف ظروف المكان والزمان ومعطيات الحياة فيما بينها؟ هل تغير المكان والزمان والإنسان اليوم جعل من الفقر حجة عند البعض في عدم الاهتمام بالتعليم؟

ألم يكن هناك عدد من الفقراء في العصر الإسلامي والذين عُرف عنهم أنهم أصحاب جهاد وعزيمة في اكتساب العلوم والمعارف، ولاسيما العلوم الشرعية وفي ظل ضعف الإمكانات مُقارنة بهذا الزمان؟

ما مدى إيماننا نحن كمسلمين بهذه النظرية اليوم؟ وما أدلتنا على ذلك؟ وهل نقوم بما يجب علينا نحو الفقراء والمحتاجين؟ أين موقعنا كأفراد ومجتمعات ومؤسسات محلية ودولية من هذه النظرية؟ وما هو دورنا في علاجها أو التقليل منها؟ وهل هذا الدور يكفي؟ 

أليس تقصير البعض من النَّاس في تقديم الزكاة والصدقة في هذا الزمن لمن هم في حاجة إليها- وهي حق لهم من مال الأغنياء- من الأسباب الرئيسية في استمرار العوز والحاجة عند البعض؟ أليس التزام الناس بتطبيق شرع الله في أموالهم في الزمن الماضي من أسباب خروج الخليفة عمر بن عبد العزيز- رحمه الله - للبحث عن من يستحقون الزكاة من الفقراء؟ 

أليس من الجيد التفكير كأفراد ومؤسسات بمن هم في حاجة في هذه الأيام وخاصة في ظل وجود الجائحة وما ترتب عليها من تداعيات مادية ونفسية عند العديد من الناس، وما تزال تلك التداعيات تعصف بهم وفي جوانب شتى من حياتهم اليومية ومنها الجانب التعليمي؟ أليس هنالك أفرادا ما زالوا لا يمتلكون الأجهزة الذكية والحواسيب الآلية وشبكات الإنترنت التي تعينهم على التعليم بعدما أصبح يعتمد على تلك الأجهزة والشبكات؟

هل فكَّرت يا أخي الغالي وأنت شخص مقتدر في تقديم هدية من نوع الأجهزة الذكية أو الحواسيب الآلية أو توفير شبكة إنترنت لفرد توقف أو تأخر عن التعليم لهذا السبب أو ما يشبهه؟  كم تعادل تلك الهدية عند الله حيث الحياة في جنات الخلد بين أنهار العسل والحور العين، وكل ما لذ وطاب لك، وما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؟ أليست هذه الهدية قليلة جدًا مُقابل هذا الخير الكثير عند الله؟

ألست بذلك يا أخي العزيز تسهم في بناء الوطن العزيز عُمان، وتدفع بعجلة التنمية والتطوير إلى الأمام، وتسهم ولو بالقليل في القضاء على دائرة الفقر الملعونة أو التخفيف من حدتها؟ أليس بذلك تعزز من مبدأ المواطنة الصالحة بمعناها الحقيقي؟

تعليق عبر الفيس بوك