المبادرات الاجتماعية.. الدولة المسؤولة

حاتم الطائي

◄ حزمة المبادرات الاجتماعية تستهدف معالجة آثار التحديات الاقتصادية

◄ مسؤولية الدولة تجاه مواطنيها أصيلة ومتجذرة في صلب الصرح النهضوي

◄ دفعة تنموية مرتقبة للقطاعات المتأثرة بالأوضاع الراهنة مع بدء تطبيق الحزم الإنمائية

حِزمَة مُبادرات اجتماعية غير مسبوقة حظيتْ بمُباركة سامية من لدن حَضْرَة صَاحِب الجَلالَة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- تستهدف في المقام الأول المواطن، خاصة المواطن من فئة محدودي الدخل والمُعسرين، إلى جانب روَّاد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومستحقِّي الدعم الوطني، إلى جانب الشركات المتأثرة بالظروف الراهنة التي فرضتها التحديات الاقتصادية وتحدي وباء كورونا.

والمتمعِّن في تفاصيل هذه المبادرات، يُدرك تمام الإدراك أنها نابعة من حرص سامٍ على توفير المعيشة الكريمة للمواطنين، حتى في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها العالم، وتأثر اقتصادنا الوطني بشدة، جراء المتغيرات العالمية والإقليمية على المستوى الاقتصادي، فضلا عن الظروف المحلية. كما أنَّ المباركة السامية لحزم المبادرات الاجتماعية، ترسم الصورة الكاملة للدولة المسؤولة عن شعبها، المسؤولة عن توفير الحلول والبدائل في ظل الأزمات، الدولة المسؤولة مسؤولية حقيقية عن الأوضاع المعيشية لكل مواطن، والتحديات الاقتصادية لكل شركة.. إنَّها ترجمة لتكامل الأدوار بين مؤسسات الدولة: اللجنة الرئيسية للبرنامج الوطني للتوازن المالي من جانب، والمجالس الشورية (الدولة والشورى) والهيئات المنتخبة (غرفة تجارة وصناعة عُمان) من جانب آخر، علاوة على أنها تترجم -من جهة ثانية- الجهود المبذولة لتخفيف وطأة الأزمات الاقتصادية، وتأثيراتها على أداء اقتصادنا الوطني، وفي القلب منها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. والحديث عن ضرورة تعزيز نمو هذه المؤسسات، متجذر في الرؤية الوطنية "عمان 2040"، حيث يرتكز النمو الاقتصادي خلال المراحل المقبلة من نهضتنا المتجددة على هذا القطاع الواعد، في مختلف المجالات؛ إذ تستهدف الرؤية الوصول بنسبة الاعتمادية على هذه المؤسسات إلى مستويات متقدمة، تحقق الأهداف المرجوة.

وإلى جانب المباركة السامية، فقد أصدَر جلالة السُّلطان المعظم -توجيهات سامية إلى جميع المسؤولين "بمتابعة الأوضاع المعيشية للمواطنين؛ بما يضمن لهم استمرار مستوى العيش الكريم اللائق"، وهذا توجيه عميق الدلالات، وتأكيد على ما تشهده مسيرة النهضة المتجددة من متغيرات ترمي إلى تحقيق الصالح العام؛ إذ إن "استمرار مستوى العيش الكريم اللائق" بات مهمة سيُسأل عنها الوزراء والمسؤولون في الحكومة، من منطلق أن توفير العيش الكريم لكل مواطن عماني يمثل "هدفا أسمى لكل العمل الحكومي في مختلف القطاعات". وهذه التوجيهات تصدُر في ضوء ما بات يعانيه بعض المواطنين نتيجة للتحديات المختلفة، وفي المقدمة منها جائحة كورونا، التي ألقت بظلال سلبية على الجميع، وأثرت بشدة على دخل الشركات والمواطنين، وتعرض البعض لإشكاليات وتحديات مالية غير مسبوقة، مثلت تهديدا مباشرا وقاسيا. لكنَّ الحكمة السامية والرعاية السلطانية لكل شرائح المجتمع، تؤكد أن جلالته يتابع عن كثب الأوضاع في مختلف القطاعات، لذلك يمكن قراءة المبادرات الاجتماعية على أنها جزء أصيل من حزمة التحفيز الاقتصادي التي انطلقت قبل أسابيع، وأقرها جلالته خلال ترؤس اجتماع مجلس الوزراء الموقر، كما أنها استمرار للجهود المتواصلة لضمان تقديم كل سبل التحفيز والدعم للنمو الاقتصادي، والخروج من دائرة الانكماش، والانطلاق في مسار التعافي على المستويات كافة، خاصة إذا ما علمنا أنَّ كلفة حزمة المبادرات الاجتماعية تزيد على 100 مليون ريال، وهو رقم لا يُستهان به في ظل الضغوط الشديدة على الإيرادات العامة للدولة، وتأثيرات تراجع أسعار النفط على خزانة الدولة.

وختامًا.. إن المبادرات الاجتماعية التي باركها جلالة السلطان -أعزَّه الله- ستفتح الباب أمام دفعة تنموية للقطاعات الأكثر تأثرا بالأوضاع الراهنة، كما ستتيح إمكانية تعافي العديد من الشركات المتأثرة بالتحديات الاقتصادية، بما يُسهم في تحقيق معدلات النمو الاقتصادي المخطط لها، وصولا إلى تحقيق التطلعات الاقتصادية والتنموية وفق الخطط والإستراتيجيات في كل قطاع. لكن يظل على عاتق كل مواطن ومواطنة مسؤولية الاستفادة الحقيقية من هذه المبادرات، وكذلك الحال بالنسبة للوزارات والجهات المعنية بتنفيذ دراسة ومعاجلة أوضاع الشركات المتأثرة، من خلال قيامها بتقديم الحلول الفعالة والقابلة للتطبيق على أرض الواقع؛ الأمر الذي سيساعد على فتح حوار مجتمعي يشارك فيه ممثلون عن هذه الشركات، كلٌ يدلو بدلوه بالرؤى والأفكار الكفيلة بمساعدة هذه الشركات. عندها، سيكون التعافي الاقتصادي النتيجة المتوقعة لما بُذل من عمل، وما تحقق بفضل تكاتف الجهود.