مسؤولون: "التحول" تعزيز لمسيرة التنمية الاستثمارية واستجابة لخطط التطوير

"يوم تاريخي" بقطاع سوق المال العماني.. بدء التداول في "بورصة مسقط" وسط توقعات بآفاق واعدة

 

◄ السالمي: نقلة نوعية تقود إلى مرحلة جديدة وفق تطور منهجي

◄ العارضي: تحويل "البورصة" إلى شركة مساهمة عامة مدرجة "إجراء متوقع"

◄ الجرف: توظيف خبرات "جهاز الاستثمار" لتعزيز جاذبية البورصة

◄ مدير عام "مسقط للمقاصة": "التحول" انتهاج لصيغة عمل تجارية تهدف لتحقيق الربح

◄ الشنفري: مرتبة تنافسية جديدة جاذبة للاستثمار في الأوراق المالية

 

 

مسقط - العمانية

أكملت سوق مسقط للأوراق المالية خطوات تحويلها إلى شركة مساهمة عمانية مقفلة باسم "بورصة مسقط" تتبع جهاز الاستثمار العماني؛ بناءً على المرسوم السلطاني رقم 5/2021، الذي قضى بإنشاء الشركة وأيلولة كافة المخصصات والأصول والحقوق والالتزامات والموجودات والسجلات الخاصة بسوق مسقط للأوراق المالية إليها.

ومن المؤمل أنْ تُسهم هذه الخطوة في تعزيز مسيرة التنمية الاستثمارية للبورصة؛ سواء من خلال توفير منصة فعالة وحافلة بالفرص لإدراج الأوراق المالية وتداولها، أو المساندة في خطط التطوير والتنمية الاقتصادية، وضمان استدامتها بمجموعة واسعة من الأدوات، والوصول إلى الريادة في قطاع أسواق رأس المال إقليميًّا وعالميًّا، عبر مجموعة متنوعة من المبادرات المبتكرة، والارتقاء بأداء الشركات وزيادة الفاعلية التشغيلية، ودعم جهود التنمية، وتوفير فرص استثمارية متنوعة لقاعدة البورصة الكبيرة من المستثمرين المحليين والعالميين، إلى جانب إيجاد الحلول التي تساعد المستثمرين، وحث الموظفين والعاملين على المشاركة في مختلف محاور الاستثمار وميادينه، والإسهام في استقطاب الاستثمارات المحلية والعالمية.

من جهته، عبر سعادة عبدالله بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال، عن تفاؤله بهذه المرحلة المهمة من مراحل تطوير سوق رأس المال العماني، قائلا: إن تاريخ العاشر من أبريل سيسجّل في تاريخ القطاع باعتباره اليوم الذي يبدأ فيه سريان العمل بما تضمنه المرسوم السلطاني رقم 5/2021 من مباركة سامية بتحويل سوق مسقط للأرواق المالية إلى شركة بمسمى "بورصة مسقط"، كمؤسسة مستقلة مملوكة من قبل جهاز الاستثمار العماني، وهي خطوة تمثل نقلة نوعية تقود إلى مرحلة جديدة، وفق إطار التطور المنهجي الذي تتبعه السلطنة في تطوير قطاع سوق رأس المال، والنهوض بمؤسساته لتلبية متطلبات المرحلة الراهنة، إلى جانب أنها من أبرز متطلبات المنظمات الدولية التي تضفي الاستقلالية للسوق وتكسبه المزيد من المهنية والموضوعية في إدارة عملياته. وأوضح سعادته أن تحويل السوق إلى شركة مستقلة، يأتي في مرحلة مهمة تمر بها السلطنة في ظل النهضة المتجدّدة التي يقودها مولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- فضلا عن أهميتها في توفير كل الممكنات التي تسهم في تحقيق رؤية "عمان 2040"، مشيرا إلى أنَّ هذا التوجه يحقق المواءمة ويعزز من القدرة على توفير البدائل المناسبة لتوفير الاحتياجات التمويلية التي تدعم برامج التنمية الشاملة ومبادراتها، والتحول نحو التنويع الاقتصادي المنشود.

وأعرب سعادته عن أمله في أن يَرى بورصة مسقط كشركة مساهمة عمانية عامة تطرح للاكتتاب العام وتدرج في البورصة، تماشيًا مع الممارسات الدولية القائمة حاليا، وأن تحقق هذه الخطوة الأهداف المرسومة لها، وتتيح لبورصة مسقط المرونة الكافية لإدارة شؤونها والسهولة والسرعة في اتخاذ القرارات، إلى جانب التكيف مع المتغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية، والعمل على التطوير والابتكار في توفير المنتجات التمويلية وتسويقها والخدمات التي تجذب المستثمرين بما يدعم التنمية الاقتصادية، كما أنَّ أداء البورصة سيخضع لمعايير الإدارة الرشيدة والأنظمة والتشريعات التي تكفل حسن أدائها، ويعزز قدرتها على مواجهة المنافسة الإقليمية والعالمية؛ حيث إنَّ الفصل يعزز دور الجهة الرقابية والتنظيمية بما يؤدي لحماية المستثمرين ورفع كفاءة البورصة وعمليات التداول، ويحقق المزيد من الشفافية، ويجعلها أكثر كفاءة للمساءلة والفحص المستمر؛ الأمر الذي سيقود تلقائيًّا إلى تعزيز ثقة المستثمرين بها، ويعزز قدرتها على التسويق وجذب مزيد من الاستثمارات إليها بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام.

وحول هذا الاهتمام بتطوير قطاع سوق رأس المال، أكد سعادته أن سوق الأوراق المالية تحتل مركزًا حيويًّا في الاقتصادات المعاصرة؛ إذ إنها انعكاس للنظم المالية والاقتصادية للدولة، ومحرك فعّال للنمو الاقتصادي من خلال قدرتها على توظيف المدخرات المحلية والفوائض المالية الأخرى لتمويل المشاريع والمبادرات الاستثمارية التي يقدمها القطاع الخاص، أو تغطية الاحتياجات التمويلية للحكومة لتنفيذ مشاريع التنمية الشاملة وبرامجها. وتابع: تؤثر سوق الأوراق المالية في النشاط الاقتصادي عن طريق تعزيز السيولة النقدية التي يحتاجها المستثمرون، ثم تؤدي الى تحسين تخصيص رأس المال مما يعزّز آفاق النمو الاقتصادي.

من جهته، قال محمد بن محفوظ العارضي رئيس مجلس إدارة بورصة مسقط: إنَّ هذا اليوم يمثل محطة تاريخية في مسيرة قطاع الأوراق المالية بالسلطنة وانطلاقة جديدة لسوقها المالي ومرحلة قادمة من النمو والتطوير؛ إذ إن الإنجازات والمسيرة الحافلة لسوق الأوراق المالية بالسلطنة ومنذ إنشائها في عام 1989م أثمرت عن الوصول إلى أرضية صلبة ورصينة تمكن هذه المؤسسة المتجددة من المضي قدما نحو الازدهار وتقدم خدماتها بكفاءة وتتبع أفضل الممارسات والمعايير الدولية. وأكد أن بورصة مسقط لديها من المقومات الكافية التي ستعمل عليها لتطوير قطاع سوق الأوراق المالية من خلال طرح وتقديم منتجات وخدمات استثمارية جديدة تلبي طموحات المستثمرين، والعمل مع كافة الأطراف ذات العلاقة على تذليل العقبات وتحويل التحديات إلى فرص تعزز مكانة البورصة على خارطة الاستثمار على المستوى الإقليمي. وأضاف أن البورصات تعتبر إحدى مؤسسات البنى الأساسية للاقتصادات، ووجودها كشركات يعطيها من الاستقلالية والمرونة ما تحتاجه لتنظيم أعمالها واتباع النهج التجاري المرتكز على الربح دون الإخلال عن المبادئ الرئيسة وتقديم كافة الخدمات بفاعلية وكفاءة عاليتين.

وحول تبعية البورصة لجهاز الاستثمار العماني أوضح رئيس مجلس إدارة البورصة، أن الكيان الجديد سيعمل تحت مظلة جهاز الاستثمار العماني كإحدى شركاته، وهذا بدوره سيدفع مسيرة العمل وفق أسلوب تجاري يهدف لرفع كفاءة العمليات بالبورصة وتطبيق مبادئ الحوكمة، كما ستفتح آفاقًا للعمل مع الجهاز لإدراج شركات من مختلف القطاعات الاقتصادية، وهذا ما سيسهم في رفع مستويات السيولة، وزيادة عمق البورصة وجاذبيتها الاستثمارية.

وتوقع العارضي أن خطوة التحول هذه ستتبعها خطوة أخرى وهي تحول البورصة إلى شركة مساهمة عامة مدرجة في البورصة نفسها؛ كون هذا النموذج هو المتبع عالميا فوجود البورصات ضمن الشركات المساهمة العامة المدرجة بالأسواق المالية لها أبعاد كثيرة؛ سواء من ناحية تطبيق أفضل الممارسات في جوانب الحوكمة والشفافية، وكذلك تكون مثالا لباقي الشركات المدرجة فيها من ناحية أخرى.

من جانبه، أكّد ملهم بن بشير الجرف نائب رئيس جهاز الاستثمار العماني للاستثمار بالوكالة، أنَّ هذه الخطوة تتواءم مع أهداف رؤية "عمان 2040" الرامية لتعزيز الاقتصاد الوطني عبر تخصيص بعض الخدمات الحكومية، حيث ستتحول البورصة من جهة حكومية تقدِّم خدمة إلى شركة تسعى لتحقيق الربح والاستدامة المالية. وقال إن وجود البورصة تحت مظلة الجهاز يُعطيها تمكينا أكبر لأداء دورها؛ حيث ستتم الاستفادة من الخبرة الاستثمارية التي يملكها الجهاز حاليًّا عبر استثماراته المتنوعة داخليًّا وخارجيًّا، في رفع جاذبية البورصة من أجل تحقيق النمو المستدام، إضافة لتعزيز فرص تخصيص بعض الشركات المملوكة للدولة التابعة للجهاز، أو حصص فيها، عبر طرحها للاكتتاب العام. موضحًا أنَّ "بورصة مسقط" ستكون إحدى الأدوات التي ستُستخدَم لتحويل دفة قيادة الاقتصاد إلى القطاع الخاص، الذي من المؤمَّل أن يكون له الدور الأكبر في تعزيز الاقتصاد العماني خلال الفترة المقبلة.

وقال هيثم السالمي مدير عام شركة مسقط للمقاصة والإيداع: إنَّ تأسيس بورصة مسقط كشركة تجارية سوف يغيِّر معايير العمل، ويمكّن البورصة من انتهاج صيغة عمل تجارية تهدف لتحقيق الربح؛ وبالتالي فإنَّ مصالح المتعاملين في السوق كانت ولا تزال هي أول اهتمامات البورصة، إلا أنَّه وبصيغتها التجارية فإنَّ تعاملات المستثمرين وإدراج الشركات هو مصدر دخل البورصة الأساس؛ وبالتالي يكون تسهيل التداول وتحفيزه ورفع الأحجام وتسويق الإدراجات الشغل الشاغل للبورصة. وبيَّن أنَّه لكي يتحقق ذلك يتوجب أن تعمل البورصة على رفع إمكاناتها التقنية، وإجراءات عملها بما يتناسب مع حاجة المستثمرين، ورفع مستوى الإفصاحات وتوفر المعلومات لهم، وتطبيق المعايير العالمية بما يُمكن من رفع تصنيف السوق، واتخاذ اللازم لتحقيق سيولة أعلى للأوراق المالية المدرجة، وهذا ما سيحقِّق أهداف تأسيس بورصة مسقط بهويتها التجارية الجديدة. وأضاف السالمي أنَّ التغيير في البورصة سيكون له أثره الإيجابي على عمل شركة مسقط للمقاصة والإيداع؛ حيث يجب أن تتوافق إستراتيجيات البورصة مع البنية الأساسية للسوق، والتي تتمحور في أعمال الإيداع والمقاصة. وأشار إلى أنَّ الشركة قطعت شوطا كبيرا في توفير جميع احتياجات السوق كبنية أساسية متكاملة، توفر كلَّ معايير الثقة والأمان للمساهمين؛ من حيث: حفظ السجلات وممتلكات المساهمين وتمكينهم من تسلّم حقوقهم وممارستها عبر الخدمات المضافة، مشيرا إلى أنَّه يتعين على شركة مسقط للمقاصة والإيداع -كونها قاعدة بيانات السوق- أن تلبي احتياجات البورصة في إدراج أي أوراق مالية جديدة وتفعيل آلية خدمات يُمكن أن تنعكس إيجابًا على أحجام تداولات السوق.

وذكر أيمن بن أحمد الشنفري مدير عام الجمعية العمانية للأوراق المالية أنَّ هذه النقلة النوعية تقودنا إلى مرحلة جديدة تضع السلطنة في مرتبة تنافسية وجاذبة ومواكبة للأسواق المالية؛ حيث تُمثِّل خطوة أولى إيجابية ومهمة جدا كمرحلة انتقالية تمهيدًا لطرحها للاكتتاب العام مستقبلا في سوق الأوراق المالية، مضيفًا بأن هذا التحول سيزيد بشكل كبير من ثقة المستثمرين، وسيُمكِّن البورصة من القيام بمبادرات أكثر تركيزًا بهدف زيادة أحجام التداول، وتبني إستراتيجيات تنافسية مرنة تتواكب مع متغيرات الأسواق المالية الدولية، والعمل بمنظور مختلف يهدف إلى الربحية، كما سيُسهم في حدوث تغييرات مستقبلية أكثر إيجابية كما حدث في البورصات المالية الدولية، والعمل بشفافية عالية، واعتماد آليات مبتكرة تكون جاذبة لجميع المستثمرين.

تعليق عبر الفيس بوك