المختصون المستأمنون!

ظافر بن عبدالله الحارثي

dhafer.alharthy@hotmail.com

لا يوجد هناك تخصُّص يسمو على باقي التخصصات؛ وذلك على أساس أن المتخصصين في كافة المجالات يلعبون أدوارًا مهمة في المجتمع، يكملون من خلالها بعضهم البعض، إلا أن الأهمية والهدفية الموضوعية تكمن في شغف الفرد المتخصص الذي يسعى للتأثير بعد تأثره، والإثراء بعد تعلُّمه، والتغير الذي يُحدثه لبيان مدى أهمية المجال وأثره في المجتمع، فضلًا عن حمل رسالة المجال وفكرتها الصحيحة لباقي الأفراد، حيثما حل بكافة الطرق والوسائل.

ولأنَّني أُعد محسوبًا ضمن المبتدئين القانونيين، فسوف يقتصر حديثي على تخصص القانون الذي من وجهة نظري أرى أنه من المجالات التي تجمع الناس جميعًا على اعتبار أن القواعد القانونية، وفكرة القانون قائمة على تنظيم كافة المجالات؛ وبالتالي يرتب ذلك مسؤولية على جميع الأفراد للإلمام بها بشكل عام، أو على الأقل الاطلاع على مجموعة القواعد القانونية التي تتعلق بمجال اختصاصه.

وإنْ كان هناك من يطرح مسألة أنَّ تخصُّص القانون لا يجب أن يكون للجميع على اعتبار الصفات والمتطلبات التي تشترطها الشخصية القانونية، أقول من وجهة نظري بأنه إنْ كانت دراسة القانون لطالب القانون قد تمت اختياريًّا، فإن الثقافة القانونية لأفراد المجتمع التزام وواجب أدبي يرقى إلى مصاف الالتزام القانوني، ولعل الفرق بينهما ينجلي في أن المتخصص سوف يكون الأكثر جدارةً في أن يمارسها كمهنة؛ وبالتالي يُمكن بالتراخيص والاشتراطات الواجبة للقيام بذلك.

أمَّا المتخصِّص القانوني على وجه التحديد؛ فهو من أولئك المؤتمنين الذين يقضُون حوائج الناس في كل موقع ينضمون إليه مهما كانت صفتهم، وهم الذين يجب أن يأخذوا على عاتقهم المسؤولية التي أوكلت إليهم بمناسبة عملهم بكل جدية، على أن تسهل له في المقابل الإجراءات والأدوات اللازمة للقيام بمهامه على أكمل وجه. وهذا المختص قد يتميَّز عن غيره بأنه يُسهم في رسم شكل المنظومة ككل من خلال صياغة التشريعات ومراقبتها، وإرساء أسس العدالة واستقرارها ونزاهتها، وتسخير البيئة المناسبة الداعمة لكافة الأفراد حتى يتمكنون من أداء أعمالهم بشكل منظم يُحدِّد لهم الواجبات المنوطة ويحفظ لهم الحقوق اللازمة.

ورغم حُسن الظن الذي أبديه بكل صدق، والذي تفرضه علينا الفطرة السليمة في كل أمر، إلا أننا قد نرى بعض التجاوزات أو الممارسات من قبل البعض، ولنفترض القلة التي قد تشوِّه الفكرة الرئيسية للمجال وأهدافه، إلا أنَّ هذا لا يحول دون وجود مجموعة كبيرة تسهر على سمو تخصصها ورفعة رسالتها؛ فكما يقال: "المهن التي وجدت شريفة"، ولكن حيادها عن الصراط المستقيم يتوقف على من يمارسها والكيفية التي يستند فيها للقيام بذلك، والتي للأسف ما إن ظهرت حتى رتبت آثارًا سلبية تمس المصلحة العامة وأمنها، فضلا عن حجم الآثار التي قد تحدث نتيجةً لفقدان الثقة بهم.

تعليق عبر الفيس بوك