خبايا البحر

تقوى محمد الجراح

في الخامس والعشرين من ديسمبر، ومع حلول فصل الشتاء، تساوت السماء مع البحر في لونها القاتم. أمواج عاتية، رياح عاصفة، أناس يشكون للبحر عسرة الدهر لعلهم يتخلصون من ثقل همومهم وقسوتها.

تراقب النجمة اللامعة (سحر) كل هذا من السماء، مضى وقت طويل على تسامرها مع البحر، قالت سحر للبحر: "هل اشتقت إليَّ يا نديمي؟ هل كنت تفكر بي كما كنت أهجس بك؟"، لم يجب البحر عن تساؤلات النجمة سحر، واندفع يتلاطم مع الصخور.

حدَّثت سحر نفسها: "يشبه الويدينجو في غضبه، يا تُرى ما الذي جعله هائجًا؟"، لمحت سحر فتاة تتلألأ الدموع في عينيها على الساحل، كانت تمشي فوق صخر حاد، وأمواج البحر تلاطمه، ولم تلقِ بالًا لزمجرة البحر، وإذ بالفتاة يخطفها الموج ساحبًا إياها إلى الأعماق! أسرعت سحر جاهدة تحاول إنقاذ الفتاة، لكنها رفضت المساعدة وأسلمت جسدها تنتظر الموت.

غرقت وسحبتها الدوامة إلى قعر البحر واختفى كل أثر، حتى الزبد الذي كان يلفظه البحر تلاشى وسكن البحر فجأة.

ذُهِلت سحر ولم تستوعب ما حدث، بالتأكيد ليس غرق الفتاة إلا حادثًا يتكرر مشهده بين الحين والآخر. سألت النجمة البحر: "هل تشعر بتأنيب الضمير؟ هل أنت حزين؟ هل أنت غاضب على نفسك؟

لم يُجِب البحر على أسئلة سحر، وآثر الصمت والسكون، بينما دارت النوائب راحها في نفسه قائلًا: يغرق الناس أنفسهم بين أمواجي ويلصقون التهمة بي، ألا يستطيع كل منهم تحمل مسؤولية جرأته؟! وهل من عاقل يمشي على الساحل ليلًا ولا ينتظر من الويدينجو افتراسه؟ عجبا لهم! ولنديمةٍ تُؤنس وحشتي، تظن أنها تعلم مافي أعماقي من خبايا وأسرار.

----------------------------------

الوينديجو: وحوش آكلة للبشر، تظهر في أساطير ألغنقوين على طول ساحل المحيط الأطلسي ومنطقة البحيرات. (المصدر: موسوعة ويكيبيديا).

تعليق عبر الفيس بوك