مسرحون من أعمالهم: نخشى الملاحقات القضائية.. ونناشد وزارة العمل حمايتنا من "المصير المجهول"

...
...
...
...
...
...

الرؤية - ناصر العبري

ألقت جائحة كورونا بظلال قاتمة على كل اقتصادات العالم، ونظرا لارتباط اقتصادنا الوطني بالمنظومة العالمية، فقد تأثرت السلطنة سلبا بهذه الجائحة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن تأثيراتها الصحية؛ مما أدى لتعرُّض عدد من الشركات إلى الإفلاس أو عدم قدرتهم على دفع رواتب العاملين، فتعرض عدد من العاملين إلى إنهاء الخدمات، أو ما بات يُعرف بـ"المُسرحين" من أعمالهم.

عدد من هؤلاء المسرحين من أعمالهم، تحدثوا لـ"الرؤية" عن معاناتهم منذ أن أُنهيت خدماتهم، فضلا عن عدم قدرتهم على الحصول على وظيفة أخرى بدلا عن التي فقدوها، في ظل استمرار التداعيات الاقتصادية للأزمة، وما يعاني منه العالم والسلطنة من ركود اقتصادي.

سيف بن سالم بن سيف الغريبي الذي يعمل في القطاع الخاص منذ العام 2007، يقول إنه مر بأصعب اللحظات في حياته بين الرمال والرياح، بينما حرارة الشمس فوق رأسه خلال فترة عمله في أحد حقول النفط في الصحراء. وأضاف الغريبي: "نعمل من أجل الوطن للبحث عن النفط والغاز في ربوع بلادي الغالية بين الجبال والرمال والأودية، وكنت أتقاضى راتبا شهريا 700 ريال عماني، لكن في لمح البصر وبعد 15 عاماً من العطاء، أُنهيت خدماتنا، دون أن ندري إلى أين نتجه، فقد وجهت شركة "بي.جي.بي" لخدمات النفط والغاز إخطاراً للنقابة العمالية بالشركة بأن 405 من العاملين سوف يتم إنهاء خدماتهم، وبعدها تلقيتُ اتصالا من الشركة للحضور إلى مقرها لإيجاد حلول مناسبة، وعرضت علينا الشركة مبلغا ماليا يقارب 5 آلاف ريال عماني". ويضيف: "قدمت لي الشركة عرض عمل في شركة أخرى براتب 450 ريالا عمانيا، لكن هذا الراتب لا يكفي لسد احتياجاتي الشهرية من قروض بنكية وأقساط لشركات التمويل فضلا عن مصاريف العائلة".

وقال بدر بن محمد الغافري الذي يعمل في شركة "بي.جي.بي" لخدمات النفط والغاز، إنه تعرض لإنهاء الخدمات بعد 9 سنوات من الاجتهاد، بدأها براتب 420 ريالا،  "لكني اجتهدتُ وطورتُ من مهاراتي". وأضاف: بداية المشكلة كانت في ظهور جائحة كورونا؛ حيث قامت نقابة الشركة بوضع اتفاقية مع الشركة لإيقاف العمل حتى إشعار آخر لحين رجوع الشركة إلى العمل، وبرجوع العمل يرجع جميع الموظفين بجميع حقوقهم وامتيازاتهم، وبعد 9 أشهر من الانتظار في المنزل، بينما كنتُ أستلم نصف راتبي، وبمجرد عودة الشركة للعمل تفاجأت بوجود اسمي ضمن قائمة أعدَّتها الشركة لإنهاء خدماتهم، واتصلت بي الشركة لحضور الاجتماع؛ حيث قدمت لي الشركة خيارين؛ الأول نقلي إلى شركة أخرى براتب 450 ريالا، وهذا يمثل نصف راتبي مع الامتيازات، أو الاستقالة مقابل مبلغ مالي بنحو 5 آلاف ريال". ويبدي الغافري دهشته قائلا: "كيف لي أن أستلم نصف راتبي بعد هذه السنوات من الخبرات والعمل، وأنا ملتزم بقسط بنكي ومبلغ إيجار شهري وقسط تمويل ولدي 5 أبناء". ويأمل الغافري من الجهات المعنية التدخل السريع لإيقاف هذا التسريح، الذي وصفه بـ"الممنهج".

وقال حمد بن صالح الشيدي أمين السر السابق بالنقابة العمالية بشركة "بي.جي.بي" لخدمات النفط والغاز: إن التسريح طريق إلى الانهيار الروحي للعامل، وطريق مظلم ليس به بصيص من نور؛ إذ إن الموظف يعاني الصعوبات في الأوقات العادية، حيث يوزع راتبه على أوجه إنفاق عدة، فما بالنا إذا كان مسرحا من العمل. وأكد الشيدي أنه لا يحق للشركة إنهاء خدمات العامل دون استكمال فترة العقد، كما لا يجوز لها إنهاءه حتى لو أن العقد غير محدد المدة، والشركة ملزمة بتنفيذ عقد العمل بين الطرفين، وغير ذلك يمثل فصلا تعسفيا ويجب تعويض الموظف بنص المادة (37) من قانون العمل العماني.

وقال عادل بن عوض اليعقوبي إنَّ إنهاء خدمات العامل بمثابة "الدمار" له ولحياته، حيث تتراكم عليه الديون، والمطالبات المالية، فضلا عما قد يمر به من آلام نفسية ومتاعب اجتماعية، مؤكدا أن كل عامل مرتبط بأقساط بنكية ويعاني من الديون.

وقال بخيت بن عبدالله بن بخيت الغافري: إن بعض الشركات أقدمت خلال الفترة الأخيرة على استغلال جائحة كورونا وتراجع المشاريع المُسندة إليها لتنفيذ عملية "تسريح مُمنهج"، كما اتخذت من قرار وزارة العمل بإلغاء الحد الأدنى للأجور ذريعة للتخلص من قُدامى الموظفين الذين تزيد رواتبهم الإجمالية على 700 ريال عُماني، من أجل توظيف آخرين بأجور أقل. وأضاف: "قامت الشركة  بالتواصل مع بعض الموظفين ووضعهم أمام خيارين لا ثالث لهما، إما تقديم الاستقالة مع الحصول على مبلغ 5 آلاف ريال عُماني، أو القبول بالعمل في شركة أخرى براتب أقل عن الراتب السابق بكثير".  وأكد الغافري أنَّ هذا القرار ينعكس بالسلب معنويًا -قبل أن يكون ماديًّا- على الموظف، مشيرا إلى أن كل من تعرض للتسريح يعاني هو وعائلته أوقاتًا عصيبة في انتظار القرار النهائي الذي يحدد مصيره، بعد أن عمل لسنوات وأمَّن لنفسه وعائلته مصدر دخله الوحيد.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة