تقارير تفضح المسؤولين عن نشر المعلومات المضللة حول اللقاحات

هل لقاحات كورونا "غير آمنة" و"تحتوي على مواد سامة"؟ العلماء يجيبون بالتفصيل

الرؤية- نجلاء عبدالعال
لا يبدو أن المخاوف من تلقي لقاح كورونا قاصرة على البعض في السلطنة، فقد رصدت دول عديدة مثل هذا الإحجام الذي للأسف لا تتوقف تأثيراته على تهديد الصحة للمجتمعات ككل، لكن أيضا تمتد التأثيرات إلى الضغط الاقتصادي ومدى طول الأزمة التي يعاني منها العالم بأسره.
ولكي تكون جميع المعلومات واضحة عند اتخاذ القرار، فقد نشرت وكالة بلومبرج الإخبارية تقريرا تفصيليا يجمع كل التساؤلات والمخاوف وفندتها بآراء العلماء، وتلخصت في 7 نقاط رئيسية؛ نستعرضها فيما يلي:
أولا: مقولة أن "هناك خطوات ضرورية تم تخطيها في مراحل تطوير اللقاحات والتصريح بها"، والإجابة كانت: صحيح أن اللقاحات وصلت إلى السوق في وقت قياسي، ولكن هذا ليس بسبب تخطي أي خطوات اختبار، فقد قامت الشركات بتسريع العملية من خلال إجراء بعض خطوات الاختبار بالتوازي مع بعضها البعض، وفي حالة لقاح مودرنا، خاطرت الحكومة الأمريكية مخاطر مالية من خلال الدفع لتجهيز التصنيع قبل ظهور النتائج.
التحفظ الثاني كان حول أن "إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لم توافق موافقة صريحة على إجازة اللقاحات" والرد أن هذا صحيح بمعنى أن الإدارة لم تمنح سوى إذن استخدام الطوارئ حتى الآن. وهذه آلية موجودة مسبقًا، وظهرت في دول العالم لتسريع الوصول إلى الإجراءات الطبية اللازمة في حالة الطوارئ الصحية العامة مثل جائحة كوفيد. وأكدت إدارة الغذاء والدواء مسبقًا أنه للحصول على الإذن، يجب أن تثبت لقاحات كوفيد أنها فعالة بنسبة 50% على الأقل في الوقاية من المرض في التجارب واسعة النطاق وكان عليها إثبات السلامة من خلال بيانات المتابعة لمدة شهرين على المشاركين في التجربة، كما تم فحص اللقاحات من قبل لجنة من المستشارين المستقلين. وقالت كل من مودرنا وفايزر إنهما يخططان لتقديم طلب للحصول على موافقة نهائية ودائمة على اللقاحات هذا العام.
أما الانتقاد الثالث كان مبنيا على وصف منتقدين للقاحات M rna أو الـ "الحمض النووي الريبوزي المرسال" على أنها شكل من أشكال العلاج الجيني، ملمحين إلى أن حُقن اللقاح قد تُغير بطريقة ما الحمض النووي الخاص بمتلقيه"، وجاء الرد الحاسم من العلماء قائلين: إنها لا تفعل ذلك، وشرحوا أن الحمض النووي الذي يستخدمونه هو نوع من المواد الجينية، واللقاحات تختلف عما يُعتقد عادةً أنه علاج جيني؛ حيث إنها لا تغير الحمض النووي داخل الخلايا. وتوضح مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة الأمريكية أن اللقاحات "لا تؤثر أو تتفاعل مع الحمض النووي للإنسان بأي شكل من الأشكال". وفي الواقع، فإن جزيئات الـ"الحمض النووي الريبوزي المرسال" في اللقاحات- والتي هي قصيرة العمر- لا تدخل نواة الخلايا؛ حيث يتم تخزين الحمض النووي.
زعم رابع بدأ في الانتشار وهو أن "الجسيمات النانوية الدهنية في اللقاحات قد تحتوي على مضادات للتجمد وهي مادة سامة"، والحقيقة القاطعة وفقا للعلماء أن هذا ليس صحيحًا، موضحين أن الجسيمات النانوية الدهنية تشتمل على البولي إيثيلين جلايكول، وهو مركب خامل موجود في المنتجات اليومية مثل معجون الأسنان والشامبو وفي العديد من الأدوية بما في ذلك الملينات.
خامس المخاوف يتعلق بأن اللقاحات "يمكن أن تسبب تحديا للمناعة الطبيعية، وتجعل الجسم معتمدًا على الأجسام المضادة، وبالتالي قد تجعل اللقاحات من يتلقاه في حالة أسوأ مناعيا من الذين يصابون بكورونا وتتكون لديهم مناعة طبيعية"، إلا أن العلماء في جامعة هارفارد يؤكدون أن هذا قلق يعتمد على نظريات تضمنتها بالفعل اختبارات لقاحات كوفيد؛ حيث كانت هناك تلميحات لهذه المشكلة في الدراسات التي أجريت على الحيوانات لبعض اللقاحات لمتلازمة الجهاز التنفسي الحادة (سارس)، والتي يسببها أحد فيروسات عائلة كورونا المرتبط بكوفيد-19، ومع ذلك، لم تظهر أي إشارة إلى ذلك في التجارب البشرية على لقاحات كوفيد-19، وفقًا لستانلي بيرلمان، الباحث في فيروس كورونا بجامعة أيوا الأمريكية، الذي كان عضوا في اللجنة الاستشارية لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية التي استعرضت اللقاحات.
ومن الأسباب الأخرى أيضًا للقلق من اللقاحات القول "إننا لا نعرف الآثار طويلة المدى للقاحات"، والإجابة هي أن هذا هو الحال دائمًا مع اللقاحات الجديدة، لكن الآثار الجانبية للقاح تظهر عادة خلال الشهرين الأولين بعد التطعيم، ولهذا أصرت إدارة الغذاء والدواء على شهرين من بيانات السلامة قبل الإذن بها. وتقول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، إن تقارير الآثار الجانبية طوال فترة المراقبة لم تكتشف أسبابًا تشير إلى وجود مشكلة في اللقاحات.
التخوف الأخير يرى أن "هناك تقارير عن الآثار الجانبية للقاحات كوفيد أكثر مما كانت عليه في لقاحات الإنفلونزا" ويرد البروفيسور آرون كيسيلهايم أستاذ الطب في كلية الطب بجامعة هارفارد، قائلا "هذه ليست مقارنة مناسبة أو ذات مغزى"، مشيرا إلى أنه من المعتاد أن تحظى التقارير عن الآثار الجانبية باهتمام الإعلام خاصة مع أهمية اللقاح في الأخبار، ويضيف: "في الولايات المتحدة، يمكن لأي شخص تقديم هذه التقارير ولا تشكل تأكيدًا على أن اللقاح تسبب في حدث ضار". ويشرح أنه نظرًا للأعداد الكبيرة التي يتم تلقيحها، فمن الطبيعي أن يمرض بعض الأشخاص بل وقد تحدث وفيات طبيعية بعد فترة وجيزة من تلقي اللقاح، بدون أي علاقة لذلك باللقاح.


file-20201028-13-1h5578x.jpg

وإذا كانت هذه آراء العلماء فلماذا تنتشر المعلومات المضللة حول اللقاحات؟

تقرير وكالة بلومبرج يشرح أن المناهضين للقاحات بشكل عام- وليس فقط لقاحات كورونا- انضموا إلى شخصيات من أحزاب اليمين المتطرف، وهي حركات سياسية عبر الإنترنت مقرها في الولايات المتحدة يعتنق أعضاؤها معتقدات متطرفة تركز عادةً على أفكار القومية البيضاء للوقوف ضد لقاحات كورونا. وأثار المحافظون البارزون بما في ذلك الإعلامي الشهير في فوكس نيوز تاكر كارلسون شكوكًا حول لقاحات كوفيد بشكل عام. ووفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية، فقد قامت أيضا العديد من المنصات الإلكترونية المرتبطة بالاستخبارات الروسية بنشر معلومات مضللة حول لقاحي "مودرنا" و"فايزر" لأنها تنتج من قبل شركتين مقرهما في الولايات المتحدة.
كما وجد استطلاع لمؤسسة "عائلة قيصر" أن رافضي اللقاح يعتمدون اعتمادا كبيرا للغاية على فيسبوك في الحصول على معلوماتهم، بينما الأشخاص الذين لا يرفضونه ويبحثون عن المعلومات الحقيقية، فإنهم أكثر اهتماما بقراءة الصحف أو مشاهدة الأخبار عبر شبكات التلفزيون.

تعليق عبر الفيس بوك