خبير دولي: لقاحات كورونا آمنة.. وللحكومات الحق في اتخاذ "المناسب"

الرؤية - الوكالات

بعد أن كان التوصل إلى لقاح للفيروس الذي سجن العالم كله لعدة أسابيع هو طوق النجاة، خرجت من حيث لا يعلم أصوات تصور تناول اللقاح بمن يستجير من الرمضاء بالنار، وبعد أن كان كل فرد يحسب توقيت حصوله على اللقاح ليتفادى الإصابة بالفيروس الأخطر في تاريخ البشرية، صار الإحجام من البعض يؤخر تغطية التحصين المستهدفة في بعض الدول ومنها عمان، فيما استسلمت بعض الحكومات لمخاوف تلك الأصوات وأوقفت التحصين.

وبين الحقائق العلمية والشائعات والآثار الجانبية تزداد البلبلة ويصبح معها الحسم بموقف حاسم تجاه أخذ اللقاح أو تجنبه شديد الصعوبة، وللمساهمة في القدرة على حسم القرار تنشر "الرؤية" ترجمة للقاء أجرته وكالة بلومبرج يطرح جميع الأسئلة على خبير الأدوية سام فضلي، أحد المساهمين في بلومبرج أوبينيون والذي يغطي صناعة الأدوية في بلومبيرج إنتليجنس -أي أنه لا يمثل إحدى الشركات المنتجة للقاحات.

وكان التساؤل الأهم الموجه إليه حول لقاح أسترازينيكا وقرارات بعض الدول وقف التلقيح به مؤقتا وسط مخاوف من مخاطر أعراض جانبية، خاصة جلطات الدم، وكانت الإجابة منطقية، فيقول إن للسلطات الصحية الحق في التحقيق في أي آثار جانبية خطيرة محتملة، لكن مجموع الأدلة يشير إلى أن اللقاح آمن، ويوضح: "لا أعتقد أنه يمكنك أن تكون شديد الحذر، ولكن هناك توازن يجب تحقيقه، فالتوصل للتطعيم يُعد جهدًا عالميًا ضخمًا، لذلك فعلى كل إنسان توخي الحذر وتقييم أي خطر محتمل، ولكن بطريقة محسوبة"، مؤكدا أن ما يحدث مع لقاح أسترا "مؤسف"، ويوضح أنه "حتى لو اكتشفوا أن الآثار الجانبية لا علاقة لها باللقاح، فإن الضوضاء التي أثارتها هذه الشكوك ستظل أصدائها أعلى بكثير مما تقدمه الحقائق من معلومات فقد تركت الشائعات تأثيرا سلبيا حول هذا اللقاح، وربما غيره من اللقاحات للأسف"

ويقدر فضلي موقف السلطات الصحية في دول العالم وهي كالعالقة بين المطرقة والسندان، فإن لم يتخذوا إجراءات احترازية، وظهرت آثار جانبية ولو من بعيد ترتبط باللقاحات، فإنهم سيتهمون بتعريض السكان في بلادهم للخطر، لكنهم إن اتخذوا إجراء وأوقفوا اللقاح -كما فعلت بعض الدول الأوربية- فإنهم يزيدون من خطر الشك في اللقاح.

ويرى أن الطريقة الصحيحة لاتخاذ قرار حتى على المستوى الفردي بأخذ اللقاح، تكمن في التعرف على الحقائق والمعلومات من تجارب الدول التي يمكن أن تكون نتائجها أكثر دلالة من غيرها مع ملايين الجرعات التي أعطتها من اللقاحات؛ والاطلاع على نتائج حقيقية تمثل فيها نسبة الآثار الجانبية للقاح مع من لم يصابوا بأية أعراض.

ويشير إلى أن جل الانتباه انصب على كشف عن عدد فردي من الحالات أصيبوا بتأثيرات لم يتم بالفعل ربطها بأخذ اللقاح، لكن لم يلتفت أحد إلى السؤال عما إذا كانت مراكز حقن اللقاحات قد رأت أي إشارات في ملايين الأشخاص الذين تم تطعيمهم، وهل رصدت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية في الولايات المتحدة أو السلطات الصحية الإسرائيلية، وهما أكبر دولتين في إعطاء اللقاحات في العالم حتى الآن إذا كانت قد سجلت أثرا جانبيا مشتبه به مع لقاح "فايزر-بيونتك"، نظرًا لملايين الجرعات التي تناولوها هناك.

وينتقد فضلي نظام المتابعة الصحية في الاتحاد الأوربي قائلا لا يبدو أن نظام المتابعة يعمل في الاتحاد الأوروبي، بالنظر إلى أنه حتى مع موافقة الجهات التنظيمية، فإن بعض دول الاتحاد الأوروبي قد قطعت طريقها الخاص وعلقت مؤقتًا اللقاحات.

وفيما يتعلق بما أثير حول فعالية لقاح أسترا في بداياته خاصة بالنسبة لكبار السن ومدى ضمان حمايته لهم من كوفيد 19، يقول: إن التجارب وقياس التأثير ربما لم تكن الأفضل تصميمًا وكانت تحتوي في البداية على بيانات ملتبسة، ولكن مع الوقت وانتشار التلقيح منذ ذلك الحين، ظهرت بيانات جديدة من التجربة العملية ومن واقع من تناولوا اللقاح في كل من إنجلترا واسكتلندا فعالية اللقاح، وكان أحد التحذيرات هو أن هذه البيانات يتم جمعها بعد جرعة واحدة فقط، لذلك ثار التساؤل حول ما إذا كان اللقاح أقل فعالية عند كبار السن، مؤكدا أنه لا يمكن الاستنتاج من التجارب السريرية فقط، حيث لم يكن لديهم عدد كافٍ من الأشخاص فوق سن 65 في المجموعة، أما في التجربة الحقيقية في العالم فهي تُظهر فعالية جيدة لدى كبار السن حتى الآن.

وحول المخاوف من لقاح فايزر خاصة وأنه كانت هناك أنباء في وقت سابق من هذا العام عن بعض كبار السن في النرويج الذين توفوا بعد تلقي لقاح فايزر، يقول إنه ذلك تسبب بالفعل في الكثير من القلق لدى الناس، ولكن الوفيات اتضح أنها كانت مرتبطة إلى حد كبير بعمر الأشخاص وأمراض أخرى لا علاقة لها باللقاح"،

ويعيد التأكيد مرة أخرى، على أنه لم يكن هناك تسجيل غير معتاد في معدل الوفيات في بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة بعد أن تلقى الملايين حقنة فايزر، ويقول لكن هذا يوضح النقطة التي أشرت إليها سابقًا: لقد سمعتم الكثير عن هذه القضية عندما تكشفت، ولكن عندما استأنفت السلطات التطعيم بعد عدم إثبات وجود علاقة سببية، لم يكن هناك أي نقاش حول هذا الموضوع، لأن تردد صدى الذعر الأولي غطى على الحقائق.

سام فضلي نفسه ينتظر دوره في الحصول على الجرعة الأولى من اللقاح خلال الشهر أيام، لذا كان سؤاله عن مدى قلقه من أن يكون نصيبه في لقاح أسترا، لكنه أكد أن ما يأمله هو ألا تكون استجابته للقاح مختلفة كثيرا عن استجابة أكثر من 11 مليونًا آخرين أخذوه في المملكة المتحدة دون آثار جانبية غير متوقعة حتى الآن، ويقول: "إنني أرغب حقًا في الحصول على فرصة لاستعادة بعض جوانب حياتي الطبيعية، واللقاحات هي الطريقة الوحيدة للقيام بذلك. المكافأة المحتملة تفوق أي مخاطرة صغيرة".

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة