مفهوم المساءلة في مجال التعليم

سلطان بن سالم العيسائي

sultan52053@gmail.com

ترجع كلمة المساءلة Accountability إلى كلمة Account، والمعنى الضمني لهذا المصطلح أنَّ الفرد لا يعمل لنفسه فقط؛ بل يتحمَّل المسؤوليات أمام الأطراف الأخرى، والمساءلة هي القدرة على تقديم تبريرات حول ما حدث، أو دورك وما قمت به، أو ما الذي يُفترض أن تقوم به حيال قضية أو موضوع ما؛ سواء كنت فرداً أو حزبا أو حكومة أو نقابة أو منظمة...إلخ، وتقديم إجابات وإيضاحات وتحمُّل المسؤوليات، والشفافية ومشاركة المعلومات عن دورك في هذا الشأن.

والمساءلة في التعليم، تَعني تحديد التزامات والمسؤوليات -سواء كانت المسؤولية القانونية، أو الاجتماعية، أو الأخلاقية، أو السياسية لكل الأطراف الفاعلة في التعليم، وتُبيِّن اضطلاعها بمسؤولياتها، ومُلزمة بأن تقدم معلومات حيال ذلك. ولا ينبغي أنْ يُفهم من المساءلة أنها أداة تهديد وقلق في المجال التعليمي، بقدر العائد والقيمة الحقيقية من المساءلة؛ والمتمثلة في المراجعة المستمرة للأداء؛ باعتبارها إحدى وسائل الرقابة والضمان والالتزام القانوني الذي سينعكسُ على الجودة في المخرجات، ورضا الأطراف المعنية بالتعليم عن تحقيق الأهداف المنشودة.

والمساءلة في التعليم لا تُركِّز على السلطة الهرمية، وممارسة السلطة من الأعلى للأسفل، مثل نماذج الإدارة التقليدية المعروفة، بل تَعني المسؤولية في المشاركة، وتحقيق مصالح المجتمع في الحصول على التعلم الفعال لأفراده. وإذا كان التعليم هو مسؤولية مشتركة، ويشترك فيه أطراف فاعلة كثيرة، فيأتي دور المساءلة هنا في تحديد المهام والواجبات لكل طرف من الأطراف، لنستطيع وضع أيدينا على الخلل والطرف المعني، وإصلاح الثغرات والضعف في مخرجات النظام قدر الإمكان إذا كان النظام التعليمي يعاني من مشكلات.

والمساءلة أداة مُهمَّة لتحسين نظام التعليم، تتأثر كل الأطراف الفاعلة بها؛ فالمساءلة تؤثر على أداء المعلم، وعلى أداء وممارسات الحكومة في التعاطي مع قضايا التعليم، وعلى دور الصحافة والإعلام، وهي مسؤولية مهنية وأخلاقية، وعلى تصرفات أولياء الأمور، ومؤسسات المجتمع المدني ونقابات المعلمين، بل وحتى المنظمات الدولية التعليمية...وغيرها، وهذا التحديد والمساءلة يُشعِر الأطراف بأهمية إنجاز ما أُوكل إليهم والقيام به على أكل وجه، وإلا أصبح التعليم قضية عائمة يلقي كل طرف فيها اللوم على الآخر.

كما أنَّ الثقة هي الأساس لعملية المساءلة، وهي الانطلاقة لتحقيق أهداف التعليم، وتتعزز هذه الثقة من خلال مشاركة كل الأطراف في وضع السياسات التعليمية وصياغة الأهداف، وعقد لقاءات للحوار والمناقشة المتواصلة والمراجعة المستمرة؛ مثل: إقامة الندوات والمؤتمرات التعليمية لتحديد الأدوار وصياغة اللوائح والقوانين، وخلق الشعور بأنَّ كل الأطراف تقوم بواجبها والتزامها المناط بها.

تعليق عبر الفيس بوك