زيارة المسؤول للميدان ولا ألف اجتماع

سالم كشوب

sbkashooop@gmail.com

مما لاشك فيه حجم الأعمال والمسؤوليات التي تقع على عاتق أي مسؤول في قمة هرم أيِّ مؤسسة سواءً فيما يتعلَّق بالبيئة الداخلية لتلك المُؤسسة وما يُصاحب هيكلها الوظيفي من تشعبات في المهام والمسؤوليات وامتدادها الجغرافي لمختلف المُحافظات والمناطق والخدمات المُقدمة أو ما يتعلق بآلية التعامل والتفاعل والحوار مع البيئة الخارجية وبالتالي يختلف أسلوب تعامل كل مسؤول مع تلك البيئات بناءً على الخطة التي يرسمها ويُريد تطبيقها أثناء فترة بقائه على هرم تلك المؤسسة التي ربما مع مرور الوقت يجد أنها تحتاج إلى تغيير بناءً على معطيات مُعينة.

فأحياناً يفضل بعض المسؤولين الاكتفاء بنظام رفع التقارير إليه والاعتماد عليها في اتخاذ القرارات أو إعادة النظر في بعض الإجراءات دون الأخذ بعين الاعتبار أهمية التفاعل والتواجد ميدانياً على أرض الواقع ورؤية آلية العمل المنفذة بسبب اعتقادهم وثقتهم المفرطة بصحة وواقعية التقارير المرفوعة لهم أو أحياناً تحميل من رفع لهم تلك التقارير مسؤولية الإخفاق وهو إجراء فيه تملص وهروب من مسؤوليته المباشرة، طالما أنَّه هو المسؤول الأول وواجهة تلك الجهة وهو الذي من المفترض أن يُبادر إلى التغيير طالما لمس أنَّ هناك إخفاقاً أو ضعفاً في الأداء وهنا عندما نذكر الثقة المُفرطة فهو ليس من باب الاتهام لذمة أو عدم الثقة بمن يرفع تلك التقارير بل المقصد عدم الاكتفاء بما هو موجود في تلك البيانات والأرقام المرفوعة وإنما أهمية تواجد المسؤول ميدانياً في قلب الحدث وإرسال رسالة مفادها أنَّه بدون تفاعل ملموس على أرض الواقع والاستماع والرد في الوقت المناسب لا يُمكن أن يكون هناك أثر إيجابي، وإشعار المجتمع بأهميته كشريك حقيقي ومؤثر في إنجاح مختلف الخطط والبرامج فأحيانا تواجد المسؤول ميدانياً كمستمع يؤثر إيجاباً لدى الطرف الآخر بأنه هناك رغبة وتفاعل إيجابي وليس فقط الاكتفاء بالعمل المكتبي الذي أثبتت مختلف التجارب فشله وعدم نجاعته في تطوير وتجويد الخدمة المُقدمة وتحسين بيئات العمل.

برأينا الشخصي أنَّ زيارة أي مسؤول ميدانياً تلعب دورا مهما ومحوريا وتغني عن ألف اجتماع مكتبي والانزواء خلف طاولة المكتب ونفي أيِّ تقصير واعتباره تشهيراً في حق المسؤول والجهة التي يُمثلها فبعض الملاحظات وبعض العتب من المفترض أن ينظر إليه نظرة إيجابية وليس بحدة سلبية واعتباره نسفاً للجهود أو التقليل من حجم العمل المنجز فتكاملية الأدوار مطلوبة وفتح قنوات تواصل وتفاعل مع البيئة الخارجية مؤشر إيجابي على الحرص على استمرارية وديمومة وجودة الخدمات المُقدمة وبناء وتقوية الثقة مع الجمهور الخارجي بشكل عام وليس فقط التركيز على بعض المؤثرين الذين قد لا يكونون متخصصين في قطاع أو نشاط معين وإنما لتجربة شخصية مع جهة مُعينة، فالمجتمع أصبح واعياً ولابد من إعادة النظر لدى بعض المسؤولين في آلية التعامل والحوار معهم والتأكيد على موظفيهم بأهمية فتح قنوات تواصل وحوار معهم والمتابعة الشخصية في كل ما يتعلق بما يتم الحديث عنه سواء بالسلب أو الإيجاب عن المؤسسة والجهة التي هو على رأس هرمها.

نقطة أخرى مهمة وهي أهمية الزيارات الميدانية المُفاجئة وليست المجدولة والمُعلن عنها بوقت سابق مما يتيح المجال والفرصة لإظهار الوجه المُغاير للواقع الموجود وتحشيد مختلف وسائل الإعلام لتلك الزيارات التي نتمنى أن تكون مهام ومسؤوليات واختصاصات مختلف الجهات غير منشورة إعلاميا لأنها تقع في صلب عملها الأساسي وإنما التركيز على الإنجازات المحققة أو التفاعل مع مختلف المعوقات والصعوبات التي قد تُعيق استفادة المجتمع من خدمات مختلف الجهات فزيارة المسؤول بشكل مفاجئ تُعطيه الفرصة لرؤية واقع العمل والخدمة المقدمة والجلوس مع الموظفين والاستماع لهم بدلاً من حصر المقابلة على بعض مسؤولي الجهة التي يزورها والتي قد لا تنقل الصورة كاملة له فبالتالي إشعار كافة الموظفين  بأهمية الدور الذين يقومون به وأنهم محط اهتمام ومتابعة سواء فيما يتعلق بملاحظاتهم أو شكاويهم أو اقتراحاتهم أو كذلك الشريك الاستراتيجي لنجاح تلك المؤسسة وهي الفئة التي تستفيد من تلك الخدمات عندما تشعر أنها محط اهتمام ومُتابعة لما تطرحه من مقترحات وملاحظات من خلال وجود تفاعل حقيقي مستمر وليس وقتيا كردة فعل.