سيدة نساء عمان

 

فاطمة الحارثية

 

جُبلت المرأة على تحقيق التوازن على الأرض، خلقها الله من ضلع الرجل بياناً وبرهاناً أنها عضده، وشريكته في تحقيق خلافة الله على الأرض، واستمرار الحياة عليها، وبهما تكتمل منظومة الإنسان والبقاء والمصير، وإنَّ في دور عائشة وفاطمة رضي الله عنهما وأمهات المؤمنين والصحابيات في عهد الرسالة النبوية لأمر جلل أن شؤون المرأة لا يتداولها أو يُعلمها أو يُرشدها أو يرعاها إلا امرأة مثلها.  

الحديث عن حقوق المرأة ذو شجون ويطول، وإن اقترن بمتابعة النصوص والنُظم والقوانين التي وُضعت لها، لبيان ما لها وعليها من واجبات ومسؤوليات، نلمس الحاجة إلى فكر حكيم قريب منها، يشعر بحالها ويتفهم إمكانياتها وتميزها وطبيعتها وفطرتها، ليرعاها ويُرشدها في تطبيق تلك النُظم ويشد على ساعدها لتبقى ذخرا لعمان وشريكة لنهضتها وحضارتها.

حظيت المرأة العمانية باهتمام بالغ ومتابعة حثيثة لكافة أمورها ووضعها ومسائلها منذ عقود، بيد أنَّ الأمر يختلف اختلافاً جوهرياً إن حظيت بها من سيدة نساء عُمان الجليلة، فبالرغم من كل تلك النُظم والاهتمام، يبقى حال المرأة في صراع دائم لإثبات ذاتها وانشغال لا ينتهي لبرهان إمكانياتها الفكرية والعملية والاجتماعية، إن ما تتناوله المنصات المختلفة من إجحاف يُحجم من دورها، وأيضاً التنمر الاقتصادي والاجتماعي، كلها برهان أن لابد من يد سامية تعمل على رعايتها وتشرف على حقوقها وتمكين دورها وإبرازه، ربما على هيئة مرسى برلماني نسائي أو هيئات رسمية تُراجع كافة ما نصت به الأنظمة في شؤون المرأة العُمانية، وما تتبعه الأعراف والتقاليد في حقها، والعمل على الإرشاد والتوجيه والمتابعة، لتوثيق وضعها ودورها وأيضاً الإشراف على تحقق رؤية عُمان 2040 بها ومعها.   

 

وإن حفظ لها بعض القوانين حقوقها، إلا أنَّ الأعراف تبقى مُجحفة في تطبيق تلك القوانين والسير في تلك النظم بما يتناسب وأهداف سُنة لتكمل دور النهضة، إن المرأة الريفية والعاملة والتاجرة والباحثة والأديبة وغيرها، كلهن يتكبدنا الصعاب، ويبذلن الكثير من أجل الحياة الكريمة، وإلى يومنا هذا مازالت تُطالب بمكانتها من مجتمع ذكوري يقسو البعض ويستهزئ البعض الآخر والقليل يُقدر ويحترم ويُثمن وجودها، إن نسبة وجود المرأة وإساهمها الفكري والعملي مازال في طور النمو، وأغلب أدوارهن العملية بالرغم من تفوقهن العلمي ينحصر في دائرة "التنسيق والترتيب"، في المقابل نجدها في نسب عشرية في المهام القيادية والإدارية، ومازلنا ونحن في هذا القرن الذي حكمة المرأة في الدول المتقدمة وأدارت شؤون دول نحتفل "بأول امرأة عمانية تحقق كذا أو تفعل كذا" ومازلنا نسمع جُمل مثل "لا تستطيع المرأة كذا أو كذا" أو لا يمكن توظيفها لأنها قد تحمل وتنال إجازة وضع" أو "لا يمكن أن تنال الترقية لأنها كذا وكذا" أو "عليهن البقاء في المنزل وإعطاء وظائفهن للباحثين عن العمل" والكثير الكثير.

إنه لمن المؤسف أن نجد المرأة العربية في صراع دائم من أجل نيل مكانتها أو تقدير لما تقوم به من عمل وجد واجتهاد تنفع به الأمم وترتقي بالحياة، وما نراه من الاتجار بها بين دور الفساد، لتبقى قضية المرأة دوليا وليس فقط عربية أو محلية. تعليم الفتيات، عمل المرأة، الزواج المبكر، الأم الطفلة، سجن المرأة، الاغتصاب، العنف، التنمر، وغيرها من القضايا، التي تحتاج إلى نصاب، وحتى لا تضطر بعض النساء على أرض عمان الطاهرة أن تنتهك طبيعتها كي تعيش، لابد من الأخذ بزمام أمرها وإن كانت حالات قليلة، إلا أنَّ الوقت قد يوسع بؤرة الفساد وتشويه حال النساء بين ضفاف عُمان داخلا وخارجا، وإنه لمن كريم العطايا أن نرى بزوغ جهات نسوية نافذة ذات سلطة تعنى ببعض شجون نساء عُمان، وهيئات تتابع أمرها وتحاسب وتشد من أزرها في كافة قضاياها وتصنع الحلول والرخاء.

سمو..

الإقرار بالحال هو بداية الغيث، والعناية بالحالات الفردية لا يُنصف إلا الإعلام.