رؤية حياة

وداد الإسطنبولي

الحياة تتغيَّر دائمًا، والأشخاص والأزمنة وصور المكان أيضا، ونأتي الحياة دون معرفة، ثم نقف عند زاوية الفهم، ومدى قدرتنا على الإدراك وكيف نصل إليها؟ أيضا بالتأمل في تجارب وصراعات الآخرين، ونجاحاتهم وفشلهم فيما خاضوه في الحياة، ووقوفهم بعد السقوط، وإيمانهم بالوصول إلى أهدافهم، بثقافة أنَّ النهوض تجربة والإخفاق تجربة بالمثل، فقد تكون التجربة مرة أو مرات، ولكن نتعلم لكي لا نقع بما وقع فيه غيرنا ونعيد تكراره، وهنا يولد جيل قادر على العطاء مسايرا لذلك الجيل القديم.

وهذا ما جَعلني استلُّ سيفِي محاولة محاربة غمامة الازدحام، التي غزت عنوة استراحة قيلولتي، وأشهد أنَّني قد خسرت الحرب قبل الشروع بها، فقد كنت أحارب بابتسامة تسللت في داخلي، وصمصامي ما هو إلا ذاك القلم الذي يعرفني، وساحتي القرطاس الذي يحتضن غمامة الأفكار، تبحثُ عن من يحتضن ولادتها بشفافية ورفق، لنشرها على حبال الورق.

فأجِد أن ثقافتي أخذتها من هذا القلم وما يتعلق به، ويحيط أيضا بالكتابة، وما سرده الآخرون في دواوينهم وتجاربهم الحياتية.

غاصَ الجيل في عولمة التكنولوجيا، وبحر السرعة والتواصل المختلف والحداثة، وربما لا تحتاج هذه الثقافة؛ لذلك الزمن السابق أو حكايات الزمن الجميل، ومشت هذه الثقافة بخُطى عكسية لتجارب السابقين، لتزيد من معرفة إدراكنا تجاه الجيل الذي سينشأ منها.

وبرغم منهج القوانين والقيود، والظروف والانغلاق، وبرغم الصعوبات والانحدارات، والتجارب التي تبنى على سجيتها، كانت الحياة تنقضي بما تيسر منها، زمن المشتريات البسيطة المتناولة في اليد، زمن كانوا يطالبون بتحسينات، وأي تحسينات متواضعة رضوا بها، ولكن ليس هذا ما أردت أن ألمِّح له، وإنما قصدت بالزمن الجميل في صدقه وشفافيته وبساطته، وكمية الحب المتبادلة، والقيم الموجودة، وخوف الآخر على الآخر، الجيل الذي حفر في الصخر، وصنع معجزات على أرض الواقع، بالعمل الجاد المتلازم بالصمت المطبق، لأن ديدنهم كان الإنتاجية والإنجاز، وليس حب الظهور والتعملُق.

هذا هو الإرث الحضاري الذي خلفه الأجداد، ومتى ما تبنى الجيل الحالي هذه الأفكار، سيكون له نصيب من مواصلة الإنجاز على خطى الأجداد، بل سيضيفون إليهم من إبداعات جيلهم، فهم جيل التقنية بكل ما تعنيه الكلمة.

آباؤنا وأمهاتنا وأجدادنا أجمل حكاية لثقافة زمن جميل، هذا ما توصلتُ إليه وأعرفه يقينا، وأحاول أن أصل به إليكم، وحقا أعلم أنكم تعلمون.

تعليق عبر الفيس بوك