تساؤلات حول مؤشرات "عُمان 2040"

 

د. محمد بن عامر العمري

الخُطط التنموية مُهمة لأيِّ بلد في العالم حيث يضع فيها طموحاته وأهدافه لمدة الرؤية وحسب الفترة الزمنية التي تدرج لها متباينة من بلد إلى آخر لعلها تتراوح بين خمس سنوات ثم تمتد حسب ما تتناسب مع الدول فمن يجعلها عشر سنوات ومن يجعلها عشرين سنة على حسب أهدافها التي توضع من أجلها.

ومرت علينا في السلطنة الخطط التنموية الخمس ثم مباشراً تحولنا إلى الخطط طويلة المدى العشرين عاماً. لعل الخطط الطويلة المدى لم تكن ذات نجاعة كبيرة كما نعتقد فقد كانت خطة "عمان 2020" وضعت وفق صياغة تتسم بالأحلام الوردية تدور حول الأهداف والطموحات والرؤى والرفاهية التي سوف يتمتع بها المواطن بعد ما يحل العام المنشود لنهاية الخطة العشرينية الأولى. كثيراً ما كان يحلم بالوصول للعام المنشود ولكن الطموحات لم تتحقق حسب ما روج لها سابقاً إنما راوحت بين الأداء الضعيف وأقل من ذلك. ولم تتقدم كثير من القطاعات بل سجلت تراجعاً وبعض القطاعات استمرت في الحفاظ على أدائها.

قد تكون صياغة الرؤية على الورق محكمة من كل النواحي وذات أهداف واضحة، ولها بنود محكمة يتم صياغتها من قبل متخصصين يصممونها على حسب ما تراه الدول وما تريد تحقيقه خلال فترة الرؤية. لم تحقق الرؤية 2020 ما خطط له ولذلك مؤشراتها لم تكن محل اهتمام لمعرفتها والبحث حول أسباب عدم تحققها.

من المؤمل أن تكون "الرؤية 2040" أفضل حالاً من سابقتها، لكن ثمة أسئلة حول بعض المؤشرات التي تمثل تحديات كبيرة لتطبيق مضامين هذه الرؤية. وهذا ليس تشاؤماً كما يظن البعض؛ إنما سعي للوصول إلى أعلى قدر من الإنجاز، من خلال رصد بعض المُتغيرات التي قد تكون غير واضحة لنا وقد يكون فهمنا خاطئاً لها، فنحن جميعاً في مسارِ واحدِ من أجل رفعة الوطن، ونتمنى تحقيق ما نصبوا إليه جميعاً.. ومن المؤشرات التي تثير التساؤلات تداول تصريحات لمسؤول حكومي حول مؤشر الاقتصاد العماني بعد انقضاء مدة "الرؤية" قائلا: "سوف تكون الزيادة في النسبة المئوية للاقتصاد 90%". حقيقةً لستُ اقتصادياً، لكن من باب المعرفة بالشيء تحققتُ حول الموضوع، فوجدتُ أن هذه النسبة المستهدفة لتحقيقها ضعيفة، ونحتاج لوضع مؤشر لا يقل عن 500% من أجل تحقيق اقتصاد قوي متطور ومتنامٍ، تتحقق من خلاله كل الأهداف والمؤشرات التي تصب في مصلحة الرؤية. أما تحقيق نسبة 90% فيمكن أن تتحقق دون رؤية مستقبلية، نتيجة للتطور المتسارع في العالم الذي يدفعك ويدفع اقتصادك لزيادة نسبته المئوية.

والاستعجال على النتائج يجب ألا يكون حاضراً في الوقت الراهن؛ فبعض الإجراءات كنا نتمنى تطبيقها منذ زمن، وهذا من الخطوات الجيدة التي تساهم في ضبط بعض الجهات نحو تجويد عملها، لكي يكون ذا طابع مؤسسي واضح ومعلوم. وفي المقابل، هناك تحديات كبيرة تواجه البلد وفي مقدمتها مسألة الباحثين عن عمل؛ حيث إنها باتت الشغل الشاغل، ونتمنى أن نوجد لها الحلول. وعلينا السعي لإيجاد حلول مبتكرة تخرج عن المألوف والتي لن تأتي إلا بتغيير في نمط التفكير الحالي الذي نعيشه، وعليه لا بُد من السعي لمعرفة السبل التي نحتاجها من أجل تحقيق مبتغانا، وتحقيق رؤية استراتيجية تضع المواطن والوطن نصب عينها ذات مؤشرات فائقة.

إن الرؤى الاستراتيجية التي توضع عادةً ما تكون محكمة الأركان وذات طابع يتسم بالشمولية، وبالتأكيد رؤية "عمان 2040" لا تحتاج لإعادة صياغة أو تعديل أهدافها، لكن وجب التركيز على بعض الأمور التي تثير التساؤلات.

تعليق عبر الفيس بوك