"المادة 88" من النظام الأساسي تعزز رسالة المهنة في تحقيق العدالة

الزدجالي لـ"الرؤية": القانون الجديد يمنح المحامي العماني "صلاحيات أكبر".. ونطالب بتعمين "المستشار القانوني"

 

 

 

 

◄ قانون المحاماة المرتقب يواكب "عُمان 2040" ويعزز جهود التطور التشريعي

◄ 2500 محامٍ ومحامية عمانيون يغطون بكفاءة محاكم السلطنة

◄ مكاتب محاماة "غير قانونية" تستحوذ على 80% من أتعاب المحاماة والخدمات القانونية

◄ مُستعد للإفصاح عن شركات ترفض توظيف المحامي العماني

◄ يجب منح "المُحكم العماني" الفرصة لإثبات نفسه.. وعلى مركز عمان للتحكيم التجاري أن يتدخل

◄ ترافع المحامين الأجانب أمام القضاء مشروط بحالات معينة وموافقة رئيس المحكمة

 

 

الرؤية - مريم البادية

قال سَعَادة الدكتور مُحمَّد بن إبراهيم الزدجالي رئيس مجلس إدارة جمعية المحامين العمانية رئيس اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الشورى، إنَّ مشروع قانون المحاماة الجديد الذي سيصدُر قريبا سيمنح المحامي العماني "صلاحيات أكبر". مشيرا إلى ضرورة توفير فرص عمل في الشركات الخاصة لمنصب مستشار قانوني. كما لفت سعادته إلى أنَّ هناك عددًا من مكاتب المحاماة الأجنبية التي تعمل بالبلاد تحت غطاء غير قانوني.

ورفع سعادته -في حوار مع "الرؤية"- أسمى عبارات العرفان للمقام السامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- على ما تضمَّنه النظام الأساسي للدولة -والصادر بالمرسوم السلطاني رقم (6/2021)- في مادته الـ88 من تأكيد على أنَّ مهنة المحاماة مهنة حرة تُشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وسيادة القانون وكذلك الدفاع. معتبرًا أنَّ ذاك الامتياز الذي تضمنه النظام الأساسي الجديد شَمِل تفصيل حقوق المحامي من حيث مشاركة المحاماة مع السلطة القضائية في تحقيق العدالة وسيادة القانون، وأنَّ المحامي اليوم يُمارس هذه المهنة مستقلا، كما يتمتع المحامون أثناء تأديتهم حق الدفاع أمام المحاكم بالضمانات والحماية التي تقرَّرت لهم، كما تسري هذه الحماية على أعمال أخرى كالتحقيق والاستدلال.

 

وأضاف سعادة رئيس اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الشورى، بأنه وبعد تطبيق سريان اقتصار الحضور والترافع في محاكم الاستئناف والمحكمة العليا على المحامين العُمانيين منذ الأول من يناير الماضي، طُويت صفحة "وقوف المحامي غير العماني أمام مختلف محاكم السلطنة؛ لـ"نُكمل الشهر الثاني منذ تطبيق هذا القرار والتجربة ناجحة ولله الحمد". موجِّها سعادته الشكرَ لكافة المحامين الأجانب ممَّن قدموا جهودا جليلة لهذه المهنة طوال السنوات الماضية. وقال الزدجالي: لدينا اليوم 2500 محامٍ ومحامية عمانيون يغطون محاكم السلطنة بمختلف درجاتها، والتي تشمل 45 محكمة ابتدائية، و13 محكمة استئناف والمحكمة العليا في مسقط، وجميعها تغطَّى من قبل محامين عُمانيين، وهم جديرون بالثقة، وأثبتوا وجودهم على مدى سنوات منذ صدور قانون المحاماة رقم 108/96 والمعمول به حاليا.

قانون المحاماة الجديد

وعلى صعيد التفاصيل، أوضح سعادة رئيس جمعية المُحامين العُمانية أنَّ مشروع المحاماة الجديد والذي صدرت موافقة مجلس الوزراء بإعداده هو الثاني من نوعه بعد القانون الحالي الصادر في العام 1996، مشيرًا إلى أنَّ القانون الجديد سيلبي يتواكب وتطلعات السلطنة المنصوص عليها ضمن أولويات وأهداف الرؤية الوطنية المستقبلية عُمان 2040؛ ويكافئ كذلك جهود تحديث التشريعات والقوانين في البلاد.

وأضاف: نُعوِّل على القانون الجديد أن يمنح صلاحيات أكبر للمحامي فيما يتعلق بإدارة مهنة المحاماة، وأن يتجاوز بعض النقاط الموجودة في القانون الحالي، من خلال معالجة المدد القانونية لبقاء المحامي في درجة التقاضي أي الانتقال من درجة إلى أخرى؛ فالمدد الحالية طويلة نسبيا؛ حيث إنَّ المحامي المتدرب يقضي تدريبه لمدة سنتين، ثم ينتقل إلى المرحلة الابتدائية، ويقضي فيها 5 سنوات، وبعدها 7 سنوات في الاستئناف، إلى أن يُرخَّص أمام المحكمة العليا؛ لذا نأمل أن يتم التعديل بالدمج أو الإلغاء، كما نأمل أن يكون هناك اختبار يسبق دخول المهنة.

وعبر الزدجالي عن أمله -من خلال المشروع الجديد- بإلزامية تسجيل المحامين في جمعية المحامين العُمانية، حتى تقوم الجمعية بدورها وتحظَى بصلاحيات أكبر.

التأهيل ضروري

وفي ذات السياق، أكَّد سعادة الدكتور محمد الزجالي أهمية تأهيل المحامي العُماني، مستدلًا بمخرجات برنامج تأهيل المحامين العُمانيين الذي نظمته وزارة العدل والقوى العاملة آنذاك لمدة سنة أكاديمية في إحدى الجامعات البريطانية؛ حيث استفاد من البرنامج عددٌ كبير من المحاميين سواءً بتعلم اللغة الإنجليزية أو الإلمام بالمصطلحات القانونية لتطبيقها في مجال العمل. مشيدًا سعادته بالدورة الحالية التي ينظمها معهد عالم التدريب الدولي لمدة 20 شهرا لتأهيل المحامين العمانيين تحت التمرين، إضافة لما تنظمه الجمعية من دورات وبرامج تدريب تُساعد على صقل مهارات المحامين العُمانيين، وإعدادهم بشكل أفضل للترافع أمام القضاء.

وعلى صعيد آخر، أشار الزدجالي إلى أنَّ مُخرجات تخصُّص القانون في السلطنة أصبحت في تزايد، وأنَّ مكاتب المحاماة تجد صعوبة بالغة في استيعابهم كمحامين تحت التدريب.. موجهًا دعوته لمكاتب المحاماة في السلطنة باستيعاب بعضهم في وظائف قانونية يقوم بها غير المحامي كمُتابعة ملفات التنفيذ في المحاكم، وتسجيل الدعاوى إلكترونيًّا، وبعض الجوانب القانونية الأخرى التي يُمكنهم شغلها إلى جانب وجودهم كمحامين ومستشارين قانونيين.

مشيدًا سعادته بتوجُّه وزارة العمل لتنظيم مزاولة بعض المهن واقتصارها على العمانيين، والتي كان آخرها القرار الوزاري رقم (20/21)، فيما يخص توطين بعض المهن في مؤسسات التعليم العالي الخاصة. مطالبا سعادته بأنْ يكون هناك تعاون بين الوزارة وجمعية المحامين العمانية، وكذلك وزارة العدل والشؤون القانونية، ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار؛ لإيجاد مهن قانونية للعمانيين في مختلف مؤسسات القطاع الخاص؛ لاسيما وأنَّ هناك شركات بمختلف المستويات تقُوم بتوظيف مستشاريين قانونيين غير عمانيين لعدم ثقتها في المحامي العُماني، الأمر الذي يفرض سرعة النظر في تعمين هذه المهنة أيضا؛ لخلق فرص وظيفية جديدة أمام خريجي القانون.

مكاتب المحاماة الأجنبية

وبالمقابل، شدَّد سعادة رئيس جمعية المحامين العُمانية على ضرورة تصحيح أوضاع مكاتب المحاماة الأجنبية العاملة في السلطنة؛ بحيث تكون هناك شراكة حقيقية مع مكاتب المحاماة العُمانية، مستندًا سعادته إلى نص المادة 2 من قانون المحاماة الحالي، والتي أوضحت صلاحيات مكاتب الاستشارات القانونية الأجنبية الصادرة قبل العمل بقانون 1996، بأن تنتهي بعد 3 سنوات أو إلى نهاية المدة المحددة لهذه المكاتب ولا تُجدَّد بعد ذلك.. موضحًا بأنَّ الأمر في بداية الأمر كان بإصدار تراخيص مزاولة الأعمال من قبل وزارة التجارة والصناعة، وبعد صدرور هذا القانون أصبح لوزارة العدل مهمة الترخيص للمكاتب الأجنبية، ثم بعدها تم إلغاء خاصية مزاولة مهنة المحاماة لهذه المكاتب "إلا أنه وللأسف، تمَّ الترخيص لها من قبل وزارة التجارة والصناعة لتقديم خدماتها القانونية".

وتابع سعادته قائلاً: والتفافا على القانون، قامت هذه المكاتب بإنشاء أذرع تقاضي لها من خلال مكاتب محاماة بأسماء محامين عُمانيين يعملون لدى هذه المكاتب، أو من خلال شركات مدنية تكون بين محامٍ عماني وآخر أجنبي، ومؤخرًا اتضح بعضٌ من هذا التلاعب بوجود مكاتب ذات تراخيص غير قانونية. ونوَّه سعادتخ بأنَّ هذه المكاتب تستأثر بما نسبته 80% من أتعاب المحاماة والخدمات القانونية المتداولة داخل السلطنة، بينما تذهب نسبة الـ20% المتبقية إلى مكاتب المحاماة العمانية؛ مما يستدعي تنظيم وضع هذه المكاتب كما حدث لمكاتب الاستشارات الهندسية.

التحكيم التجاري

وفي هذا الصدد، قال سعادة رئيس جمعية المحامين العُمانية إن نسبة كبيرة من المحامين غير العُمانيين يستحوذون على أعمال التحكيم في السلطنة، نتيجة خطأ في الثقافة المجتمعية أوجد حالة من عدم الثقة في المحامي العُماني، علمًا بأنَّ هذه المهنة تدر دخلا جيدا، لذا من الضروري توطين المحامين في قضايا التحكيم التي تُنظر داخل السلطنة، خصوصا بين الشركات المرخصة للعمل في السلطنة. معوِّلا سعادته في هذا السياق على دورٍ أكبر خلال الفترة المقبلة لمركز عمان للتحكيم التجاري، والذي صدرت القواعد المنظمة له؛ مؤملين أنْ تُعطى الفرصة للمُحكِّم العماني؛ خصوصا في حالات النزاع تجاري كما ذكرت بين طرفين يمارسان نشاطهما داخل السلطنة، مع اشتراط إسناد الأعمال القانونية لمكاتب محاماة، مستدلاً سعادته ببعض التجارب الدولية التي تُلزِم فيها القوانين فئات معينة من الشركات بالاستعانة بمحامٍ مُواطن.

كما تطرَّق سعادته لإجازة قانون المحاماة الحالي لبعض المتقاضين إنابة أقاربهم للدرجة الرابعة؛ وهو ما نأمل أن يتم تداركه في القانون الجديد بتقليص هذه الدرجة إلى الأقارب من الدرجة الثانية، وألّا يُتاح للشركات الظهور أمام المحاكم ولو كان مبلغ المطالبة يقل عن 5 آلاف ريال عماني، إلا من خلال مكاتب محاماة، والتي يعول عليها استقطاب عدد كبير من الباحثين عن عمل.

واختتم سعادة رئيس الجمعية العُمانية للمحامين بتوضيح الحالات التي يُمكن فيها ترافع مُحامين من جنسيات أجنبية في القضايا التي يكون أحد أطرافها غير عماني، بالتوضيح بأن المادة 68 من قانون المحاماة تشير إلى أنه من حق رعايا الدول العربية أن يترافعوا أمام المحاكم العمانية بالاشتراك مع محامٍ عماني في دعوى معينة، شرط المعاملة بالمثل؛ أي أن تكون هذه الدولة تسمح بأن يحضر المحامي العُماني محاكمها بذات الصفة، مع إلزامية الحصول على إذن مسبق خاص من رئيس المحكمة المختصة.

تعليق عبر الفيس بوك