الصين.. القوة العظمى الصاعدة في العالم

تساؤلات عن إستراتيجية بايدن لـ"احتواء" صعود "التنين الصيني"

ترجمة - الرؤية

اعتبرتْ صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أنَّ تنصيب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة يوفر فرصة حاسمة لأمريكا -والحلفاء الغربيين- لإعادة ضبط السياسة بشأن أهم قضية جيوسياسية ربما في القرن الحادي والعشرين، وهي كيفية التعامل مع صعود الصين كقوة عظمى.

وترى الصحيفة -في تقرير لها- ضرورة أن تنطلق الجهود من وضع تقييم واضح لسلوك الصين. ففي العام الماضي، سَحَقت الصين الحريات في هونج كونج، وكثفت اضطهادها في شينج يانج، واشتبكت مع القوات الهندية على حدودها، وفرضت عقوبات على أستراليا وهددت تايوان. لذا؛ من الصعب القول إنَّ بكين تمثل أي شيء أقل من مجرد تحدٍّ واضح للنفوذ الغربي والقيم الديمقراطية، حسب زعم الصحيفة.

ومن الناحية الإستراتيجية، يظهَر طموح بكين للسيطرة على بحر الصين الجنوبي وإبراز القوة العسكرية عبر المحيطين الهندي والهادئ، إلى جانب القوة العسكرية التي تملكها الصين من خلال جيش التحرير الشعبي الصيني. ورغم ذلك، يرى التقرير أنَّ الصين تُمثل مصدرَ جذب عالمي كبيرًا؛ إذ تُسهم بأكبر حصة في النمو العالمي وتظل أكبر دولة تجارية في العالم. كما أنَّ التعاون معها أمر حاسم لمواجهة القضايا العالمية مستقبلا، خاصة عندما يهدِّد تغير المناخ سبل عيش البشرية جمعاء. ومن ثم، فإنَّ السعي لعزل الصين أو قطع روابطها التجارية مع الغرب ليس الحل. لكن الأمر نفسه ينطبق على "المشاركة البناءة"، وهي سياسة سبقت انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في العام 2001، لكنها أثبتت أنها "ساذجة"، فقد أثارت آمالًا كاذبة في أنَّ الانفتاح على التجارة مع الغرب سيغرس -بطريقة ما- القيم الليبرالية في السياسة والمجتمع الصيني. لكنَّ التقرير يدعو للتحلي بمزيد من الواقعية في علاقة الغرب بالصين.

ومن هنا، يتعيَّن على بايدن أن يُدرك أنه وعلى الرغم من كل الفوضى التي عانت منها إدارة سلفه دونالد ترامب، إلا أنها فهمت فائدة التفوق الشديد على بكين. ويجب أن يكون واضحًا أيضًا أنَّ عدم قدرة ترامب على حشد الحلفاء الغربيين إلى صفه، كان بمثابة "خطأ فادح". ومثَّلت معاهدة الاستثمار بين الاتحاد الأوروبي والصين -التي تمَّ الاتفاق عليها في نهاية العام 2020 على الرغم من نداءات فريق بايدن لإبطاء وتيرتها- انعكاسًا جزئيًّا لمدى تضاؤل النفوذ الأمريكي خلال سنوات حكم ترامب.

ولكي يكون الغرب فعَّالاً في مواجهة الصين، يحتاج إلى ترتيب الأولويات وتبني العمل الوحدوي. ولطالما برعت بكين في قراءة التناقضات الغربية؛ فعلى سبيل المثال عندما ينتقد الغرب سجل حقوق الإنسان في الصين دون أي خطة لفرض عقوبات ملموسة، تجد الصين أنه من السهل جدًّا تقويض تلك المحاولات الغربية، عادةً من خلال تقديم إغراءات تجارية للدول الأضعف. لذلك؛ يحتاج الغرب إلى وضع آلية لتعزيز شوكته.

وبحسب الصحيفة، ينبغي أن تعكس إستراتيجية الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين والآسيويين حقيقة أن محاولة تغيير الصين من خلال دفعها نحو مسار أكثر ليبرالية فشلت تمامًا، ويجب أن ينصب التركيز على مواجهة مساعي بكين لإبراز رؤيتها وقوتها في الخارج من خلال حملات التأثير والموقف العسكري الحازم.

ويتولَّى بايدن زمام القيادة في وقت تراجعت فيه الهيمنة الأمريكية وتعرضت الأنظمة الديمقراطية الغربية للهجوم، ومن ثم يتعيَّن على الغرب أن يجد طريقة للتجارة الرابحة مع الصين، وأن يتعاون في مواجهة التهديدات المشتركة مثل تغيُّر المناخ، مع كبح انتشار العقيدة الاستبدادية في بكين، مؤكدة الصحيفة في ختام تقريرها أنَّ مُستقبل العالم الحر يعتمد على ما يتخذه الغرب من قرارات وإجراءات.

تعليق عبر الفيس بوك