تفاؤل في أشواك؟!

 

خولة اللوغاني

 

عندما تتعرض لتحدٍّ ويبدو لك أن الأمر يستهلك طاقتك يأتيك مُحبٌّ مواسيًا: "الحياة حلوة.. عدِّها يا صاح"

لنكن واقعيين ونتحرر من الإيجابية المطلقة التي ينادي بها المسوِّقون ..

لنكن أوسع حدقة من ضيق التلهف لتلك الإيجابية التي طالما أوهمتنا بصنع هالة من العالم الملائكي المثالي الشبيه بأحلامٍ من خيال الذي كلما يئسنا نترقب اقترابه ..وما إن ندنو من الواقع تتفاجأ النفس البشرية التوّاقة للراحة بعد الضنك أنه ما ينتظرها سوى تحديات أكبر مما مرَّ !

وتتفاجأ بأن الصعوبات السابقة ما هي إلا مرحلة أولى تمهيدية وإحماء لعقبات جديدة، فيخيب أملها الذي رسمه لها أرباب الإيجابية التفاؤلية تلك ..

في الحقيقة أن الوضع الحقيقي يكون حينها هو أن "تحدياتك بحسب قدراتك " .. وحتماً مرت عليك الآية { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}..فلا يكلف الله نفسًا إلا ما يناسب طاقتها وقوة تحملها .. فالتكليف هنا أمر موجود وثابت ما حييت حتى وإن اختلفت صورته عبر مراحل حياتك ..منذ ولادتك وحتى مشيبك أنت في تكليف مستمر بمهام وتحديات دائمة وهذا مفروغ منه..

أما المهم في الأمر فهو أن التكليف موجود بما يتناسب وقوة تحملك وقدرتك على تخطيه .. فلا تتوهم أن التحدي سينتهي بنزعتك التفاؤلية.. بل كن مستعدًا دومًا لتحدٍ أكبر .. التفاؤل الإيجابي في الأمر هو أنك يجب أن تدرك أنّ هذا التحدي أنت قادر حتمًا على تخطيه .. فيقينك يجب أن يتجه إلى هنا (أنت قادر)..!

لنكن أكثر صدقًا ولنتوقف عن المثالية الزائفة .. لا حياة جميلة بالمعنى المطلق للجمال .. افتح عينيك فأنت تعيش في دنيا التحديات ولست في الجنة ..

ولكن لنصحح المعنى بدقة وواقعية أكبر .. الحياة تمضي بين مد وجزر .. تحزن اليوم لتعرف معنى الفرح ..وتيقن أن في الغد سيزول هذا المد المرهق لجزر محتوم للصعاب ولكن حتى وإن كان هذا مؤقتًا..كن مستعدًا دائمًا .. متأهبًا لكل ما قد يواجهك من صعاب .. عش متفائلاً بأنك قادر عليها .. انتبه فحين خفوت جذوة التهابها لا تركن للراحة، ولكن قم وجهز أسلحتك لمُواجهة الصعاب القادمة بعد الهدوء الذي تعيشه آن خفوتها ذاك..

ولكن كيف أَستعدُّ؟! وما أسلحتي التي تتناسب وتحدياتي ؟! ..

أولى خطواتك هو تعرُّفك على ذاتك فهي منطلق نقاط قوتك .. تفطُّنُك لإمكاناتها يعينك على تحديد نقاط قوة هذه الذات فتعزرها .. وتصقل ما يحتاج لإصلاح فيها..

 ابحث عما يشحذ تلك الأسلحة لتكون جاهزًا بها في أي وقت .. وما يصقل تلك الإمكانات إلا ازدياد وعيك ؟!..

 املأ ذهنك بالتساؤلات .. كن فضوليًا ..وأعني بقولي ذلك الفضول الإيجابي الدافع لك للبحث عن إجابات تلك التساؤلات .. وهل يكون البحث إلا بالتعلم !

دع التعلم ديدنك في حياتك وروتينًا لا تمضي دونه .. لا تقبل ليومك أن يمضي دون تعلم شيء جديد ..

لا تقبل لحياتك أن تركن إلى دوامة من الراحة التي توهمك بأنَّ الحياة حلوة هكذا بلا قيمة مضافة .. عش متفائلاً بالمعنى الصحيح للتفاؤل .. المعنى الذي يعني أنك تستوعب أنَّ الحياة مليئة بالصعاب ولكنها صعاب ضمن طاقتك وقدرت قل: سأتخطاها بإذن الله ما دمت موقنًا أنني قادر عليها .. وهل هذا إلا النجاح الحقيقي الذي تبحث عنه في حياتك .. نعم .. ستجده باستيعابك الصحيح لهذه المُعادلة .. فعش مستعدًا وكن ناجحًا فطنًا..

تعليق عبر الفيس بوك