لنساعدهم على العبور بسلام

 

ناهدة المسكرية

يوم بهيج تتجمَّع فيه العائلة الكبيرة، ويلتقي أفرادها بعد أسبوع أو أكثر من آخر لقاء.. يسلِّم الصغار على كبار العائلة ويقبلون رأسهم، تعم الفوضى المكان؛ حيث الفتيات والفتية الصغار يُساعدون النساء الأكبر سنًّا في التحضير لوجبة الغداء، ويأتي عبدالله ذاك الصبي الذي يبلغ العاشرة من عمره يصافح على عَجَل، ويصرخ فيه أبوه أمام الجميع "سلم زين"، يلتفت جميع من في المجلس إليه، ويُنكِّس الولد رأسه قبل أن يخرج راكضا من الإحراج.

هل كان الأب مُحِقًّا في تصرفه؟ وهل ظُلِم عبدالله؟ قد نرى مثل هذه المواقف كثيراً في حياتنا اليومية، ولكن هل نقف عندها لنتأمل ونتخيل المستقبل؟

كبالغين، نحن مُطالبون بأن نؤدي واجبات معينة مثل الزيارات العائلية، وحضور الأعراس والأتراح...وغيرها من المناسبات الاجتماعية. وعلى الرغم من انشغالاتنا ما زلنا نفعل كل ذلك قدر استطاعتنا، ولكننا نفعلها وحدنا، ونترك أطفالنا خارجها بحجة أن المكان غير موائم لهم أو خوفا من فقد السيطرة على تصرفاتهم الطفولية غير المتوقعة، ونسينا أن التطبيق أمام الصغار إنما هو بمثابة تحضيرهم للمستقبل. نسينا أو تناسينا أن هناك كمًّا هائلًا من المهارات والعادات الأصيلة تدرس وتتقن خارج أسوار المدرسة.

فكيف لنا أن نطالب الشابات في مجلس بالمبادرة ومساعدة النساء الأكبر سنًّا وهن لم يتربين على ذلك من قبل؟ كيف نُطالب الشباب بالالتزام بزيهم الرسمي إذا كنا لم نفعل ذلك وهم صغار؟ كيف نلومهم على عدم التواصل والتزاور مع العائلة إذا لم يكن ذلك من ضمن واجباتهم سابقاً؟ كيف نستنكر طريقتهم وأسلوبهم في الحياة إذا لم نلفت انتباههم ونقوض سلوكهم وهم صغار؟

قد تجد الفتاة أو الفتى حديث الزواج أنهم صاروا فجأةً مطالبين بأداء واجبات كانت خارج إطار اهتماماتهم، مما يضعهم في ضغط نفسي؛ فمنهم من يتدارك نفسه ويتعلم هذه المهارات الاجتماعية رويدا رويدا، ومنهم من تنهكه هذه المهام وينطوي على نفسه.

أعزائي القراء.. تغيَّر الزمان وانشغلنا بمجريات الحياة، واستقلت العائلة الصغيرة، وانشغل الأبوان في أعمالهما اليومية، وتأثَّر الصغار بتغيرات التكنولوجيا السريعة، فلنَكُن نحن مِثالا يحتذى للجيل القادم ليعبروا بسلام من مرحلة الطفولة إلى النضج.

فهل جهَّزنا أولادنا للعبور من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج، أم أننا نتوقع أنه شيء مفروغ منه، وأنهم سيسيرون على نفس الدرب الذي سلكناه؟!!!

تعليق عبر الفيس بوك