وتمضي المسيرة لهيثمنا

 

سارة بنت علي البريكية

لم تكن السماوات يوماً يطالها عناق الأحبة ولا قبلات قلوبهم ولا احتواء المآقي ولا لمس الكفوف، ولكن كانت ولا زالت ترى النوايا وتتحسسها وتأتي بخيراتها بناءً عليها وعلى ما تحمله من بياض عمقها، ونقاء سرها وسريرتها وسيرورتها، وتشيح عن فضائلها للأفئدة الحيَّة فبمقدار المؤونة فإنَّ المعونة من خالقها وخالقنا تأتي على كثرها، مع التسليم أنه رب مجهول في الأرض معلوم في السماء.

وهكذا كان العمانيون منذ البدء أمة مؤمنة تسبح في الأرض لتنال أرزاقها من جانب، ومن جانب آخر آمنت بأهمية أدوارها في بناء الأرض وإعمارها فشرعوا في ذلك، وصاروا مترجمين لأمر السماء لهم في أن يكونوا رسل سلام ومحبة، وأصحاب رسالة ومهمات خير، وعباد خير يعملون به أينما كانوا، ومشاعل هداية وتآخٍ وتعاضد للعالم أجمع.

وعندما كانت دويلات العالم تنظر إلى توحد مقوماتها وتهتدي إلى ضرورة ازدهارها، كانت عمان منذ أحقاب من التاريخ الإنساني قد شغلت حيزاً من الأوطان بتاريخها الحافل المشرف، وحضاراتها المتعاقبة التي شهدت أحداثا مختلفة أكدت بما لا يدع مجالاً للشك قدرة العمانيين على البناء والتطور، وبلغوا في ذلك أن وصل أهلها إلى أقاصي الأرض عالمين ومتعلمين.

ولما كان "على قدر أهل العزم تأتي العزائم"، قيض الله لعُمان سلطاننا الراحل- رحمه الله- فنهض بعمان إلى أن جعلها دولة عصرية بكل المقاييس، وشهدت البلاد في عصره نهضة تنموية شاملة، وكانت دولة وشعبا لهم الأثر العظيم في بناء علاقات مميزة مع الجيران والأشقاء وسائر دول العالم ومناصرة القضايا التي كانت تكفل الحقوق لأهلها.

وحينما غادرنا السلطان الراحل- طيب الله ثراه- ترك عُمان دولة متقدمة، فمضى بعده ربان السفينة وقائدها المحنك وأبوها الكريم مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه، نحو استكمال دؤوب لخطط التنمية المستدامة، منتهج رؤية ثاقبة تحفها كفوف السلام، ماضية في طريق يستشرف آفاق المستقبل بكل عزيمة واقتدار نحو مجد وعز وشموخ كالنخيل الباسقة، وزهو البساتين والمروج الخضراء.

مضى عامٌ كاملٌ على تولي مولانا السُّلطان هيثم مقاليد الحكم في البلاد، وها هو جلالته وفي ظل الظروف الراهنة الصعبة المُحيطة بالعالم أجمع، يتجاوز جلالته بعُمان كل العقبات منشغلا في جعلها كما أراد لها القبس الخالد فينا المغفور له بإذن الله جلالة السُّلطان قابوس -طيب الله ثراه- وتغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، وبهذا يتقدم جلالته أيده الله وحفظه، واثق الخطى مشغوفاً بعطاء لا حدود له، ومسكونا بحب وطنه وشعبه، حريصاً عليهم راعياً لهم، أمينا عليهم.

ولا شك أنَّ الإخلاص في العمل يُحقق منجزات مختلفة، ولا شك أنَّ الله سبحانه وتعالى وهبنا قائداً مخلصاً هو مولانا جلالة السلطان هيثم أطال الله في عمره أعواماً عديدة وأزمنة مديدة، الذي يسير في درب مشرف شامخا وكريما، فهو خير خلف لخير سلف، وأب رحيم حكيم حانٍ، وقائد محنك عالي الهمة والعزيمة، ينظر للمُستقبل بعيون ثاقبة خدمة لعمان الخير حباً لها ولأهلها وولاء لهم.

إنَّ الإنجازات التي تحققت لنا في ظل القبس الخالد بعون الله مستمرة في ظل هيثم المجد ومشرقة ومبشرة بخيرات قادمة كثيرة، وما أن أعطى جلالته أيده الله تعليماته بتشغيل المواطنين العمانيين في كافة المجالات والقطاعات الحكومية والخاصة، استبشرنا خيراً، ولا أخفيكم بأني متفائلة بأن يحالفني الحظ لأحظى بوظيفة في بلدي، فأنا أحمل مؤهل البكالوريوس في إدارة الأعمال، ولا زلت باحثة عن عمل، ومن هذا المنبر أوجه ندائي ورسالتي لوالدنا العظيم جلالة السلطان هيثم الذي يحمل على عاتقه هموم أبناء عمان الأوفياء ومطالبهم.

سيدي السلطان هيثم المفدى باركك الله، أملي في الله وفيك كبير، واتطلع إلى أن تحقق طموحي وتلبي طلبي في الإنعام على أبناء عُمان بالوظائف، فالعمر يمضي ولم يعد به أكثر مما مضى، بيد أنكم جعلتم للمبدعين في هذا البلد موضعاً يستحقون من خلاله كرمكم، وهذا ما أرجوه منكم واتطلع إليه والله يحفظكم ومسيرتكم المظفرة وقيادتكم الحكيمة.