2021 يعيد رسم مسارات الوباء: طفرات جينية وتوقعات "سيئة للغاية" لمستقبل "كورونا"

ترجمة - الرؤية

حذَّر تقريرٌ نشرته مجلة "ساينس" العلمية الشهيرة، من أن الطفرات الجينية للفيروسات تهدد بموجة "سيئة للغاية" من عدوى الفيروس التاجي "كوفيد 19".

وكما حدث في أوائل العام 2020، يُراقب العالم الآن بقلق انتشار الفيروس في بلد ما ويحاول تحليل المخاطر لأي شخص آخر. وهذه المرة ليس تهديدًا جديدًا تمامًا، لكنه نوع سريع الانتشار من كوفيد 19. وفي جنوب شرق إنجلترا؛ حيث جذبت السلالة الجديدة (B117) انتباه العلماء لأول مرة في ديسمبر الماضي، وسرعان ما حل محل المتغيرات الأخرى، وقد يكون نذيرًا لمرحلة جديدة ومحفوفة بالمخاطر من الوباء.

وقال جيريمي فارار خبير الأمراض المعدية -الذي يرأس صندوق ويلكوم ترست: "أحد المخاوف هي أن (B117) سيصبح الآن البديل العالمي المهيمن مع انتقاله الأعلى، وسيؤدي إلى موجة أخرى سيئة للغاية". وفي حين أن مسار الوباء في العام 2020 كان متوقعًا إلى حد ما، إلا أنه أضاف "أعتقد أننا نمر بمرحلة لا يمكن التنبؤ بها الآن"، نتيجة لتطور الفيروس.

وقد أدى القلق ببعض البلدان إلى تسريع تصاريح اللقاح أو مناقشة نظم الجرعات التي قد تحمي المزيد من الناس بسرعة. ولكن مع ظهور الشكل الجديد في العديد من البلدان، يدعو العديد من العلماء الحكومات إلى تعزيز تدابير الرقابة الحالية أيضًا. حيث أعلن رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون عن قيود جديدة صارمة في 4 يناير، بما في ذلك إغلاق المدارس ومطالبة الناس بعدم مغادرة منازلهم ما لم يكن ذلك ضروريًّا للغاية. ولكن الدول الأخرى ترددت.

وتقول عالمة الفيروسات إيما هودكروفت من جامعة بازل: "أشعر وكأننا في وضع آخر الآن؛ حيث الكثير من أوروبا يجلس وينظر نوعًا ما". وأضافت: "آمل حقًا أن نتمكن هذه المرة من إدراك أن هذا هو جرس الإنذار المبكر، وهذه هي فرصتنا للمضي قدمًا".

وفي إعلانه عن قيود المملكة المتحدة، قال جونسون إنَّ السلالة الجديد أكثر قابلية للانتقال بنسبة تتراوح بين 50% و70%. ولكنَّ الباحثين كانوا حريصين على الإشارة إلى أوجه عدم اليقين.

وارتفعت الحالات في المملكة المتحدة خلال الشهر الماضي، لكن الارتفاع حدث في حين أن أجزاء مختلفة من البلاد لديها مستويات مختلفة من القيود ووسط تغيرات في سلوك الناس ومعدلات الإصابة الإقليمية في الفترة التي تسبق عيد الميلاد، وهو ما يجعل -كما يقول عالم الأحياء التطورية أوليفر بيبوس من جامعة أكسفورد- "من الصعب تحديد تأثير السلالة الجديدة".

ومع ذلك، فقد زادت الأدلة بسرعة على أن الطفرات العديدة في B.1.1.7، بما في ذلك ثمانية في بروتين السنبلة الأساسي، تعزز الانتشار. ويقول آدم كوتشارسكي مصمم نماذج في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي: "نعتمد على تيارات متعددة من الأدلة غير الكاملة، ولكن كل هذه الأدلة تقريبًا تشير إلى نفس الاتجاه الآن". وعلى سبيل المثال: أظهر تحليل أجرته Public Health England أن حوالي 15% من المخالطين للأشخاص المصابين بفيروس B.1.1.7 في إنجلترا قاموا باختبار إيجابي بأنفسهم، مقارنة بـ10% من المخالطين للمصابين بمتغيرات أخرى.

ولفت تقرير المجلة إلى أنه وإذا كانت البلدان الأخرى التي اكتشفت B.1.1.7 ترى أيضًا زيادة في الارتفاع، فسيكون ذلك "أقوى دليل لدينا" - كما يقول بايبوس. وفي أيرلندا، حيث ارتفعت الإصابات بسرعة أيضًا، يمثل البديل الآن ربع الحالات المتسلسلة. والبيانات الواردة من الدنمارك، التي تقود الاتحاد الأوروبي في تحديد تسلسل فيروس كوفيد 19، ليست مطمئنة أيضًا. لقد التقطت المراقبة الروتينية هناك السلالة الجديدة عشرات المرات. وارتفع تواترها من 0.2% من الجينوم المتسلسل في أوائل ديسمبر إلى 2.3% بعد 3 أسابيع. يقول عالم الجينوم مادس ألبيرتسين من جامعة ألبورج: "إنَّ الأرقام لا تزال منخفضة للغاية؛ بحيث لا يمكن استخلاص استنتاجات قوية، ولكن إذا استمر هذا الاتجاه فسيكون ذلك علامة واضحة على أن العديد من البلدان قد تواجه نفس المشاكل مثل المملكة المتحدة". ويقول هودكروفت: "يجب أن نبدأ في إعداد أنفسنا لحقيقة أن هذا يحدث في مكان آخر".

وعدم وجود دليل -حتى الآن- على أن السلالة الجديدة تجعل الأشخاص أكثر مرضًا، لا يوفر شعورا بالطمأنينة. فيعدُّ عزل المرضى وتتبع وحجر واختبار مخالطيهم جزءًا من أي محاولة للقيام بذلك؛ فهذه التدابير وحدها من المُمكن أن تقلل معدل انتشار المرض من حوالي 2 إلى حوالي 1، لكنَّ هذا التأثير ينهار عندما تصل أعداد الحالات إلى عتبة حرجة وتكون سلطات الصحة العامة غارقة؛ مما يعني أن الإجراءات الأكثر صرامة الآن يمكن أن تساعد في احتواء انتشار السلالة الجديدة في وقت لاحق.

تعليق عبر الفيس بوك