هل نحن مستعدون للسياحة؟

 

ناجي بن جمعة البلوشي

أطلقت شرطة عُمان السُّلطانية بالتعاون مع الجهات المختصة تسهيلاً خاصاً للراغبين بزيارة السلطنة من مواطني 103 دول حول العالم ولمختلف القارات السبع، هذا التسهيل يعنى بالسماح لهم بدخول السلطنة دون الحاجة إلى تأشيرة دخول والالتزام بالتقيد ببعض الشروط البسيطة كالحجز الفندقي المُسبق وتحديد المدة الزمنية لفترة الدخول والخروج من السلطنة، يأتي هذا التسهيل وفقاً لخطط مدروسة في تنشيط الجانب السياحي والحركة الاقتصادية الشاملة.

وحيث إنَّ هذا التسهيل لم يصادف الفترة الزمنية التي كنَّا نحفظ فيها شعار "السياحة تثري" وهي فترة لو كان لنا عتب على الإخفاقات الإنسانية لأبدينا استغرابنا من هذا التسهيل الذي استحدث حالياً ولم يكن متواجدا في حينها، فمنذ أن تم إطلاق شعار "السياحة تثري" في البداية الأولى للفترة التي أسست فيها وزارة السياحة وهي بادرة طيبة ممن لهم الاختصاص في تلك الوزارة إلى يوم أن أطلقت الشرطة هذا التسهيل وحسبناها، لوجدنا أنها فترة زمنية كافية للتفكيرفي كيفية عمل جهات الوحدات الحكومية فيما بينها، وربما اكتشفنا أنها كانت لا تعمل بتنسيق وتناسق؛ وبهذا خسرنا الزمن والمال والاستثمار والتوظيف والتنمية السياحية والاقتصادية على السواء. لكن هذا لا يعني أننا لا نتعلم من أخطائنا وأنَّ كل التجارب لابد أن تنتهي فور معرفتنا بماهيتها مع التزامنا بحلها والتجاوز عنها وبذل كل ما يُمكن بذله في استبدالها وتغييرها إلى ما هو مناسب للوطن والمواطن.

وفي هذا السياق نقول إنَّ السلطنة ستسمح لمواطني 103 دول من شتى دول العالم بالدخول إلى أراضيها وهذا شيء جميل ونقلة نوعية طموحة، لكن هناك بعض الأسئلة التي سأضعها بين يدي كل مسؤول عن مسؤوليته ليمحص فيها وربما هي أسئلة ستصنع أسئلة أخرى في عقول كل ذي اختصاص، فمنها ما يمكن أن نحصل على جواب عنه فوراً ومنها ما يمكن أن يعمل له خطط واستراتيجيات أو حلول سريعة وفورية.

من بين هذه الأسئلة ما يخص الشرطة ووحدة إدارة المطار مثلاً لا حصرا، هل وضعت في مطاراتنا ومنافذنا الحدودية بعضا من المترجمين العارفين ببعض اللغات التي يتكلمها الكثيرون ممن سمح لهم بدخول السلطنة كالإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية والبرتغالية؟ أو لنقل هل وضع مركز للترجمة الفورية من مجرد الاتصال الفوري من تلك المنافذ لأولئك القادمين؟

شركة مواصلات أو شركة أجرة المطار، هل دربت سائقي سيارات الأجرة على بعض سلوكيات الترحيب  بالغرباء والتخاطب معهم؟ هل وضعت لهم برامج معرفية في وصف تراثنا وطرقاتنا ومعالمنا السياحية؟ هل علمتهم بعضا من أساليب الرقي المعاملاتي؟ هل وضعت لهم طرق التوصيل الملائمة دون زيادة في مسافة العدادات؟

بلدية مسقط والبلديات الأخرى؛ هل بدأت فعلاً في تمشيط المطاعم والمقاهي لتكون مناسبة لفئات السياح القادمين؟ هل وضعت على بعض الأماكن خارطة أنت هنا؟ أو هل وضعت في المطار شيئاً معرفياً عن تطبيقها الإلكتروني؟

وزارة التراث والسياحة هل هي مُستعدة في وضع بعض اللوائح التعريفية لفصل المطعم عن البار؟ وفصل الفندق عن أماكن الترفيه العادية؟ هل وضعت بعض اللوائح في المطار تعنى بتاريخ هذا البلد وعاداته وتقاليده؟ هل وضعت ما هو مُناسب لجعل السائح راغباً في العودة إلى عمان كل عطلة؟

المتاحف العُمانية التي تغلق كأنها وحدات إدارية في وقت مُحدد، هل إدارتها مستعدة لفتحها في أيام العطلات وأيام الأعياد وأوقات بعد الظهر إلى المساء؟

المواطنون أهل الفنون والتراث: هل أنتم مستعدون لتشكيل فرق شعبية تعمل على إثراء السائح بالفنون التقليدية دون عشوائية وبالتزام المكان والزمان؟ مع أخذ مبلغ على كل سائح بنظام التذاكر.

كذلك العارفين بالأكلات الشعبية وتنظيمهم ووضعهم في مكان "يطيب للزائر" أن يتذوق مما يطبخونه، لهو حال يحتاجه السائح في كثيرٍ من ولايات السلطنة فهل عمل على هذا الجانب مع جهات الاختصاص، الأسواق الشعبية غير تلك التي تعنى بالتراث ومواده ومقتنياته، وما أعنيه التي يباع فيها ألعاب الأطفال أو الشاي والحلوى والفشار والبسكويت وغيرها مما يضع السائح في سلوك إنفاق دائم مع الارتياح والراحة النفسية فهل من منسق بوجودها في أماكن بعض المواقع الأثرية والسياحية.

هنا وضعت بعض من أجزاء البعض للمكملات السياحية ولا أقصد منه العسرة على العاملين فيها كسائقي سيارات الأجرة ومالكي المطاعم وغيرهم، فلا يعني أن هذه الملاحظات تستبدل بالأقفال أو بإلزام أو بمخالفة أو تعطيل مصالح أو فرض قوة القانون وقوة السلطة التي يفرضها أولئك الموظفون المتعودون عليها دون مراعاة ولا حساب حسبان، وإنما هي مكملات ليتكمل فيها كل أجزائنا إلى الصحيح فقط فتعليمهم وتدريبهم وتفقيههم وتوجيههم خير لنا جميعا من تركهم لها على الإطلاق أو عدم وجودها من الأساس، فالشراكة في فهم شعار "السياحة تثري" تتطلب منِّا الالتفاف مع بعضنا البعض وتكميل بعضنا البعض لما هو خير للوطن والمواطن.