من رَحِم الوباء .. تشكل قواعد جديدة لصناعة الأمل في 2021

ترجمة - الرؤية

اختارت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية عنوان "الأمل في 2021"، لتصدِّر به افتتاحيتها بأول أعداد العام الجديد، مشيرة في مستهلها إلى أنَّ العام 2020 سيظل بالنسبة للكثيرين مرادفًا للبؤس؛ حيث سيتم تذكُّر الوباء والعزلة والقلق والخسارات، مستدركةً بأن ما أفصحت عنه بعض الأحداث في الأيام الأخيرة من العام المنصرم، إن لم تكن أسبابًا كافية للبهجة في العام الجديد فعلى الأقل تمنح مزيدًا من الأمل في المستقبل.

فالاحتمال الأكثر إيجابية للعام 2021 هو طرح لقاحات لفيروس كورونا؛ والتي بدورها تبشِّر بعودة شبه آنية للحياة إلى طبيعيتها؛ شريطة أن تتمكن الحكومات من ضمان تلقيح عدد كافٍ من سكانها، باعتبار ذلك هو التحدي الأكبر ليس فقط في دول العالم المتقدم، وإنما في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط كذلك.

الصحيفة البريطانية لم تغفل وسط كل ذلك، الإشارة إلى هزيمة الرئيس دونالد ترامب، والتي رأت أنها تفتح الباب أمام احتمالات تجديد التعددية، صحيح أنه من المرجح أن تستمر الشكوك الأمريكية بشأن التجارة الدولية، إلا أنَّ هناك اختلافا كبيرا بين الولايات المتحدة التي تعمل بشكل بناء وأخرى ترغب في تفكيك نظام قائم على القواعد للعلاقات الدولية.

كما عرَّجت افتتاحية "فايننشال تايمز" على تعامل الاتحاد الأوروبي مع تطورات جائحة فيروس كورونا، والتي قالت إنها أظهرت قوة التعاون الدولي. "صحيح، في البداية استسلمت الدول الأعضاء للغرائز القومية، لكنْ وفي تناقض صارخ مع أزمة منطقة اليورو قبل عقد من الزمان، تمكنوا من توحيد صفوفهم وتعزيز مؤسسات الكتلة التجارية لتصبح أكثر استجابة للصدمات. وقد يكون ما أُطلق عليه اسم "الجيل القادم من الاتحاد الأوروبي" تمرينًا مميزًا لصندوق الاستجابة للأوبئة، لكنه يوضح أيضًا قدرة الكتلة على تجديد نفسها.

وقاد المنظمون الأوروبيون ما أصبح جهدًا دوليًّا لكبح القوة المفرطة من جانب عمالقة التكنولوجيا، دون تقويض الفوائد التي قدموها للمجتمع أثناء الوباء. ففي الولايات المتحدة، وحتى الآن، يبدو أن هذا يعني استخدام سلطات مكافحة الاحتكار الحالية في ديسمبر، حيث رفعت لجنة التجارة الفيدرالية ومجموعة من 48 مدعيًا عامًّا دعوى ضد فيسبوك، زاعمين أنها أساءت استخدام قوتها السوقية. وفي المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، ستحاول المقترحات الجديدة لإصلاح قانون المنافسة تغيير سلوك "حراس البوابة الرقمية" في المقام الأول. وفي حال نجحت هذه المحاولات، سيُمكنا المساعدة في جعل الإنترنت أقرب إلى الرؤية الحرة والمفتوحة لمؤسسيها.

الافتتاحية -بما حملته من قلق وأمل- رأتْ أنَّه من المحتمل أن يكون التقدم بطيئًا في مكافحة عدم المساواة العرقية والجنسانية، لكنَّ موجة الاحتجاجات التي أعقبت مقتل الأمريكيين السود على أيدي ضباط الشرطة دفعت الشركات والأفراد إلى التفكير في المظالم الحالية والتاريخية. إذ لن يختفي التصميم على خلق مستقبل أكثر عدلاً، ومن المقرر بالفعل أن تكون حكومة الرئيس الأمريكي القادم جو بايدن هي الأكثر تنوعا في تاريخ الولايات المتحدة.

كما قد يكون المضي قدمًا على جميع هذه الجبهات أمرًا صعبًا في الاقتصادات التي دمرها الوباء؛ قد تستنفد الرغبة العامة في الإصلاح، كما قد ينقلب العمال العاطلون والمعوزون ضد أي شيء يشير إلى مزيد من التضحية بالنفس. ومع ذلك، هُناك فرص اقتصادية يمكن اغتنامها، وظهرت أشكال جديدة من العمل، وتعهد السياسيون في جميع أنحاء العالم "بإعادة البناء بشكل أفضل". إذا كان هناك سبب واحد قبل كل شيء للأمل في المستقبل، فهو أن العام الماضي أظهر بقوة قدرتنا على التكيف.

تعليق عبر الفيس بوك