رفع الدعم .. أم إعادة توجيه الثروة الوطنية؟

حمود بن علي الطوقي

في اتصال هاتفي بإذاعة الوصال حيث كان الزميل الدكتور المعتصم المعمري يستضيف مسؤولة من وزارة التنمية الاجتماعية تتحدث عن توجه الحكومة لرفع الدعم عن قطاع الكهرباء في ظل توجه الحكومة لتنفيذ خطة التوازن المالي وكانت تشرح هذا الأمر بأسلوب اقتصادي يعكس قناعتها بأنَّ الوضع سيكون أفضل للجميع ولن يكون هناك متضرر.

كانت المسؤولة تسوق الأمثلة على بعض الدول التي تطبق نظاماً مُقارباً للذي تنوي الحكومة تطبيقه واسترسلت في حديثها عن واقع جمهورية ألمانيا في التعامل مع قطاع الكهرباء، الاستفسارات التي كانت تنصب على الضيفة كانت مُقنعة بتأثر المستهلك خاصة ذوي الدخل المحدود. الاستفسار الذي لفت انتباهي كان من متصل وبدا لي من صوته أنه رجل مسن وقد حللت صوته الذي كان مثقلا بهموم الدنيا حيث استفسر قائلاً يا ابنتي لم اقتنع بكلامك فأنت تقارنين بيننا وألمانيا فهل يعقل ذلك وتحدث بهموم لغة السواد الأعظم من أبناء هذا الوطن الذين سيتأثرون برفع الدعم عن الكهرباء.

هذا الحوار البسيط جعل من الضيفة تعقب قائلة أنا أتفهم هذا الشعور، من هنا ومن منطلق "أتفهم هذا الشعور" لابُد أن نسرد أهمية الحديث حول إعادة إطلاق مصطلحات قد تكون وطأتها أخفَّ على المواطن . ففي اعتقادي إطلاق مصطلح إعادة توزيع الثروات الوطنية أخف وطأة من مصطلح رفع الدعم. فالمواطن هنا يعتبر رفع الدعم مؤثرًا على دخله البسيط وأن الحكومة لديها قنوات وطرق أخرى يمكنها أن تحقق مكاسب مالية طائلة دون المساس بدخل المواطن البسيط. أما المصطلح الذي كنت أتمنى أن تتبناه الدولة ويهدف إلى إعادة توزيع الثروة كان أهون على المواطن فيدل هذا المصطلح على أن الحكومة تعمل على تعديل لمسار سياسات اقتصادية لمواجهة التحديات، ويحتم عليها كحكومة إعادة النظر في سياساتها التي تصب في مصلحة المواطن فيجب عندما تتغير الظروف تعديل السياسات وفق ما يعزز القيمة الفعلية للمصلحة العامة.

أفضل شخصياً أن أطلق مصطلح "إعادة توزيع الثروات الوطنية" على أية حالات أو ظروف تمس المواطن فبدلاً من الإشارة مباشرة بمصطلحات اقتصادية جامدة مثل (رفع الدعم) (وفرض ضرائب) وإضافة (الرسوم على الخدمات). هذه المصطلحات الاقتصادية لا يفهمها العامة من الشعب كونه يبحث عن الاستقرار فلهذا الرسالة التي لابد أن تصل ويفهمها المواطن البسيط أن أي برنامج وطني لتصحيح هيكل الحكومة سوف يساهم في مساعدة الطبقات الوسطى وذوي الدخل المحدود، وأنَّ الطبقات المقتدرة هي التي ستدفع الثمن.

من وجهة نظري يجب أن يسبق أي قرار حكومي وتفادياً للفهم الخاطئ حملة إعلامية واضحة للجمهور ويتم شرح الهدف من هذه القرارات بلغة سلسلة وواضحة تصنف المفاهيم الخاطئة.

يجب أن يعرف المواطن أيضاً أنَّ مفهوم الدعم المطلق الذي كان يقدم من قبل الحكومة فيه ضرر على ميزانية الدولة والاقتصاد الوطني على السواء فالدولة في مثل هذه الظروف من توجيه الدعم المطلق تطبق سياسات غير عادلة حيث يستفيد الغني والفقير على السواء وبنفس القدر من الدعم، فالغني يبعثر هذا الدعم لأنه لا يحتاجه وذوو الدخل المحدود يقبلون أيدهم وجهاً على ظهر شاكرين أفضال الحكومة متضرعين الله أن يديم هذه النعمة وتبقى نعمة دائمة على الجميع.

فيجب على الحكومة عبر قنواتها أن تكون رسالتها واضحة المعالم بأنَّ الدعم المطلق ينتج سلعة تتعرض للهدر وعدم ترشيدها، كما هو الحال بالنسبة لقطاع الكهرباء والمياه، فالغني الذي يسكن في فلل واسعة يهدر من الطاقة الكهربائية وكذلك يهدر من الثروة المائية في إقامته في هذه الفلل الواسعة والشرحة.

بهذا الاسترسال في هذا المقال أردت توضيح أهمية مخاطبة المواطن بلغة اقتصادية سهلة وأن نبتعد عن المصطلحات الاقتصادية الخشنة وفي الوقت نفسه ندعوا إلى لغة سلسة تدغدغ مشاعر المواطن وتجعله يعيش في فرح وسرور كون أن الحكومة تقف مع احتياجاته في السراء والضراء.

يجب عندما نوجه بفرض أية ضرائب أن نتلمس أولاً احتياجات المواطن ونبحث عن طرق وبدائل وقنوات تبعده عن أي تأثر في دخله البسيط والمتواضع لأن هذه كانت لغة الحكومة طوال السنوات الماضية إنه لا مساس بدخل المواطن ويجب أن نستمر مع الوضع في الاعتبار أن هناك سلوكيات يجب أن تتغير وبتغيرها يعم المكسب الجميع.